سورة الفتح من الآية 25 إلى الآية 28
تمهيد اشكالي:
بعد أن تحدثت الآيات السابقة عن رضى الله تعالى عن المؤمنين، وثوابه لهم، وتحقيق منافع كثيرة، ووعدهم بالانتصارات المتتالية، تأتي الآيات الكريمة لتذكرهم وتذكر غيرهم بسنة الله في تدبير شؤون العباد، وتكشف لهم عن سبب منع القتال بين المسلمين وغيرهم.
- فما الغاية من منع الله سبحانه المسلمين من قتال المشركين؟
- وما هي دوافع المشركين في القتال؟
- وما دوافع المسلمين؟
الشطر القرآني:
قَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى:
﴿هُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوكُمْ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَالْهَدْيَ مَعْكُوفًا أَن يَبْلُغَ مَحِلَّهُ وَلَوْلا رِجَالٌ مُّؤْمِنُونَ وَنِسَاء مُّؤْمِنَاتٌ لَّمْ تَعْلَمُوهُمْ أَن تَطَؤُوهُمْ فَتُصِيبَكُم مِّنْهُم مَّعَرَّةٌ بِغَيْرِ عِلْمٍ لِيُدْخِلَ اللَّهُ فِي رَحْمَتِهِ مَن يَشَاء لَوْ تَزَيَّلُوا لَعَذَّبْنَا الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا ۩ إِذْ جَعَلَ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي قُلُوبِهِمُ الْحَمِيَّةَ حَمِيَّةَ الْجَاهِلِيَّةِ فَأَنزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَأَلْزَمَهُمْ كَلِمَةَ التَّقْوَى وَكَانُوا أَحَقَّ بِهَا وَأَهْلَهَا وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا ۩ لَقَدْ صَدَقَ اللَّهُ رَسُولَهُ الرُّؤْيَا بِالْحَقِّ لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ إِن شَاء اللَّهُ آمِنِينَ مُحَلِّقِينَ رُؤُوسَكُمْ وَمُقَصِّرِينَ لا تَخَافُونَ فَعَلِمَ مَا لَمْ تَعْلَمُوا فَجَعَلَ مِن دُونِ ذَلِكَ فَتْحًا قَرِيبًا ۩ هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا﴾.
[سورة الفتح، الآيات: 25 – 28]
دراسة الآيات وقراءتها:
I – الأداء الصوتي:
1 – القاعدة التجويدية (أحكام الراء):
الأصل في الراء التفخيم، وقد ترقق لأسباب متعددة، إذا فلها حكمان:
- التفخيم: تُفخَّم الراء التي تكون مفتوحة، نحو: {ربَّنا ءاتنا}، أو مضمومة، نحو:{ينصرون}، أو إذا سكنت وكان قبلها ضمٌّ أو فتحٌ، نحو:{مرضعةٍ، العرش}، أو سكنت وكان قبلها كسرٌ عارضٌ أي غير لازم، نحو:{لِمَنِ ارتضى، أمِ ارتابوا، واركعوا، ارجعوا}، أو سكنت وكان قبلها كسرٌ أصلي أي لازم وبعدها حرفُ استعلاء غيرُ مكسور نحو:{قرطاسٍ}، أو سكنت وقفًا وكان قبلها ساكنٌ وقبله ضمٌّ أو فتحٌ، نحو:{والعصر، خسر}.
- الترقيق: تُرقق الراء إن كُسِرَت، نحو:{وفي الرّقاب، والغارمين، والفجر}، أو سكنت وكان قبلها كسر أصلي ولم يتبعه حرف استعلاء غير مكسور، نحو:{فِرعون، مِريةٍ}، أو سكنت وقفًا وكان قبلها ياءٌ ساكنةٌ، نحو:{خبير، خيرٌ}، أو سكنت وقفًا وكان قبلها ساكنٌ وقبله كسرٌ، نحو:{السحرَ}.
II – فهم الآيات:
1 – الشرح اللغوي والاصطلاحي:
- كفروا: جحدوا بآيات الله.
- صدوكم عن المسجد الحرام: منعوك من دخوله لأداء العمرة.
- الهدي: ما يهدى لله سبحانه وتعالى لبيت الله لفقراء الحرم ويذبح في الحرام.
- والهدي معكوفا أن يبلغ محله: حبسوا الأنعام التي تساق للكعبة، ومنعوها أن تبلغ مكان ذبحها.
- معكوفا: محبوسا.
- محله: محل المشروع للذبح وهو الحرم.
- أن تطئوهم: أن تنالوهم بمكروه.
- فتصيبكم منهم معرة: فيلحقكم منهم عار إثم أو غرامة.
- لو تزيلوا: لو تفرقوا وتميز المؤمنون عن الكفار.
- الحمية حمية الجاهلية: قوة العصبية التي تثير العصبية.
- ألزمهم: تبثهم
- كلمة التقوى: هي شهادة أن لا إله إلا الله محمد رسول الله.
- أحق بها وأهلها: أجدر وأولى.
- رسوله: مبعوثه.
- الرؤيا: رأى الرسول ﷺ في منامه أنه دخل مكة هو وأصحابه
- محلقين: حالقين جميع شعور رؤوسكم.
- مقصرين: قاصين أجزاء من شعر الرأس خلال الحج.
- ليظهره على الدين كله: ليعلي دين الحق الإسلام على باقي الأديان.
- أرسل رسوله: بعث رسوله.
- بالهدى: العلم النافع والعمل الصالح.
2 – تحديد المضمون العام للآيات:
- ذكره تعالى سبب منعه لوقوع الحرب، وإبراز الله جلت قدرته لموقف المشركين من صلح الحديبية.
3 – تحديد المعنى الإجمالي للآيات:
- الآية (25): وجود طائفة من المسلمين بين صفوف المشركين كانت سببا في منعه سبحانه وتعالى من وقوع الحرب.
- الآية (26): الطمأنينة التي جعلها الله تعالى في قلوب المؤمنين تفاديا لغضبهم من شروط كفار قريش.
- الآية (27): تأكيده تعالى تحقيق رؤيا الرسول ﷺ وذلك بدخوله هو وأصحابه المسجد الحرام لأداء مناسك الحج في أمن وأمان.
- الآية (28): بيان الله تعالى أن العزة كل العزة في إتباع الدين الإسلامي الحق الذي أرسل به محمد ﷺ، وأن هذا الدين سيعلى على باقي الأديان كلها طال الزمان أم قصر.
III – الأحكام والقيم المستفادة من الآيات:
1 – الأحكام المستفادة من الآيات:
- حكمة الله بالغة في شؤون عباده وفيها خيرهم وصلاحهم.
- الحمية قوة شر في الإنسان والسكينة قوة خير فيه.
- وعد الله يتحقق كلما أراد سبحانه وتعالى.
- معاهدات الصلح تحقن الدماء.
2 – القيم المستفادة من الآيات:
الصبر – الوفاء بالعهد – التسامح مع العدو ….
IV – المعنى الإجمالي للشطر:
أفصح الله تعالى عن سبب منعه لوقوع الحرب، وهو وجود طائفة من المسلمين بينهم (بين كفار قريش) كتمت إسلامها خوفا من بطش القرشيين، وحتى لا يصطدم المؤمنون بعضهم ببعض، بل يكونوا يدا واحدة تعلي كلمة الحق، ثم ذكر الله تعالى موقف كفار قريش المتعنت الدال على استمرار جاهليتهم العمياء، حيث صدوا المسلمين عن الدخول إلى مكة، وأملوا على الرسول ﷺ شروط صلح الحديبية، وهي شروط قاسية:
- أن لا يدخل المسلمون ذلك العام إذا جاء العام القادم دخلوها بسلاح الراكب، فيقيموا بها ثلاثا.
- أن تتوقف الحرب بين الفئتين لمدة عشر سنين يأمن فيها الناس.
- من أراد أن يدخل في عقد مع محمد وعهده دخل فيه، ومن أحب التحالف مع قريش له ذلك.
- أن يرد الرسول ﷺ من جاء إليه من قريش دون إذن وليه، ولا ترد هي من يأتيها من المؤمنين.
وبالرغم من ذلك وافق الرسول ﷺ عليها، واتقاء لغضب أصحابه ﷺ، منها أنزل الله جلت قدرته السكينة عليهم حتى لا يحدث النزاع وتقع الحرب، ثم أكد سبحانه أنه سيحقق رؤيا الرسول ﷺ، لأنه تعالى لا يخالف وعدا أعطاه، وأنه تعالى سيظهر دينه على باقي الأديان كلها.
ty
جيد شكرا لكم على المعلومات