درس الحركات الاستقلالية بالجزائر وتونس وليبيا – مادة التاريخ – الثانية باكالوريا آداب

III – الإطار التاريخي الذي تحولت فيه الحركات الوطنية من المطالبة بالإصلاحات إلى المطالبة بالاستقلال:

1 – دور الحرب العالمية الثانية في هذا التحول:

تطور عمل الحركة الوطنية بكل من الجزائر وتونس وليبيا بعد الحرب العالمية الثانية من المطالبة بالإصلاحات إلى المطالبة بالاستقلال، ففي:

  • الجزائر: فقد تقدم ممثلوا المسلمون الجزائريون إلى الحلفاء بعد نزولهم في الجزائر سنة 1942م بمذكرة طالبوا فيها بانعقاد ندوة بهدف وضع دستور سياسي واقتصادي واجتماعي للجزائريين، كما تشبث الجزائريون بمبادئ الحلفاء في الدفاع عن حق الشعوب في تقرير المصير، واستغلوها حجة إضافية لتدعيم مواقفهم، كما تجلى التحول الذي طرأ على مطالب الجزائريين في الوثيقة التي قدمها مجموعة من النواب الجزائريين باسم الشعب الجزائري إلى سلطات الحلفاء، حيث طالبوا بإلغاء سياسة الإلحاق والاستغلال والمشاركة الفعالة للجزائريين في تسيير حكومة البلاد، كما طالبوا بمنح الجزائريين دستورا خاصا.
  • تونس: فقد انعقد المؤتمر الوطني التونسي سنة 1946م شاركت فيه كل القوى السياسية بالبلاد، وأصدر ميثاقا تضمن الانعكاسات السلبية لنظام الحماية على تونس، وأكد عزم الشعب التونسي على الاستقلال والانضمام إلى جامعة الدول العربية وهيأة الأمم المتحدة، وفي ظل تلك التطورات تقوت الحركة الوطنية بتأسيس “الاتحاد العام للشغالين التونسيين” سنة 1946م بزعامة النقابي التونسي “فرحات حشاد”، هذا الأخير أكد على ضرورة توحيد الحركة النقابية بشمال إفريقيا نظرا لكون تلك البلدان تسعى لتحقيق نفس الغاية.
  • ليبيا: فقد قسمت بعد الحرب العالمية الثانية إلى ثلاث مناطق نفوذ، وأخضعت للاحتلال الفرنسي في منطقة “فزان”، والبريطاني في “برقة”، والإيطالي في طرابلس، لذلك عبر أعضاء المجلس الوطني لتحرير ليبيا عن رفضهم لذلك التقسيم، وقدموا مذكرة بتاريخ 23 ماي 1947م إلى الدول الكبرى مؤكدين عن استعدادهم لمواجهة أي إجراء يهدف إلى تقسيم ليبيا.

2 – نضال الحركات الاستقلالية إلى غاية الحصول على الاستقلال:

  • في الجزائر: كان للأحداث التي شهدها المغرب وتونس أكبر الأثر على تطور الحركة الوطنية الجزائرية، حيث أسست سنة 1951م “جبهة التحرير الوطني”، هذه الأخيرة أعلنت انطلاق عمليات الثورة الجزائرية في فاتح نونبر 1954مـ ووجهت نداء للشعب الجزائري بزعامة “أحمد بن بلة” حددت من خلاله الخطوات العريضة لبرنامجها السياسي، والمتمثل في تحقيق الاستقلال بواسطة إقامة دولة جزائرية في إطار المبادئ الإسلامية، ودعم الثورة الجزائرية بكل الوسائل المتاحة، وقد انبثقت عن جبهة التحرير الوطنية حكومة جزائرية مؤقتة سنة 1958م بزعامة “فرحات عباس”، الذي انضم إلى جيش التحرير، ورغم تلك التطورات فإن فرنسا لم تغير من موقفها وجددت تشبثها بجعل الجزائر مستوطنة فرنسية، لذلك امتدت الثورة من الشرق الجزائري لتنتشر في مجموع التراب الوطني، وعلى الصعيد الخارجي حصلت جبهة التحرير على الدعم والمساندة، وأصبح المغرب قاعدة لتدريب المجاهدين وانطلاق عملياتهم الحربية وملاذا آمنا للاجئين، وبوصول الجنرال “شارل ديغول” (Charles de Gaulle) إلى الحكم بفرنسا دخل في مفاوضات مع الجزائر انتهت بتوقيع “اتفاقيات إيفيان” (Accords d’Évian) في مارس 1962م، ونصت على حق الجزائريين في تقرير مصيرهم، وصوت الجزائريون في استفتاء يوليوز 1962م لصالح استقلال بلادهم بنسبة 99,7%، كما تم الإعلان عن استقلال الجزائر في يوليوز 1962م.
  • في تونس: مباشرة بعد اغتيال الزعيم النقابي التونسي “فرحات حشاد” سنة 1952م لجأت الحركة الوطنية التونسية إلى المقاومة المسلحة التي عمت مختلف أنحاء البلاد، فقبلت فرنسا مضطرة إلى إطلاق سراح “الحبيب بورقيبة” سنة 1955م، والقبول بالتفاوض حول منح الاستقلال لتونس، إلا أن استقلال المغرب وانتشار الثورة الجزائرية، دفعا فرنسا إلى منح تونس الاستقلال التام في 20 مارس 1956م.
  • في ليبيا: بعد أن رفضت هيئة الأمم المتحدة مشروع تقسيم ليبيا، وبعد أن اتخذت قرار بتهيئة الظروف لمنح ليبيا استقلالها السياسي التام، وفي سنة 1952م تأسست جمعية وطنية ليبية ضمت ممثلين عن المناطق الثلاث (فزان، برقة، طرابلس)، ولمواجهة الاستعمار الجديد، أسس الليبيون “الحزب الوطني” بطرابلس في 1946م، و”المجلس الوطني لتحرير ليبيا” سنة 1947م طالبوا بالاستقلال والوحدة الوطنية، وعرضت مسألة ليبيا على الأمم المتحدة، التي قررت سنة 1948م منح الاستقلال لليبيا، وفي دجنبر 1951م أعلن عن استقلال المملكة الليبية، حيث توج “محمد إدريس السنوسي” ملكا عليها، ومنح عدة امتيازات للدول الأجنبية كتأسيس القواعد العسكرية، والتنقيب عن البترول …، وأصبحت البلاد خاضعة للاحتكارات الأجنبية، مما أدى إلى ثورة الوطنيين بالجيش بزعامة “معمر القدافي” في فاتح شتنبر 1969م، وإعلان قيام الجمهورية الليبية المعروفة حاليا بالجماهيرية.

خاتمة:

والخلاصة أن كل بلدان المغرب العربي قد حققت استقلالها بعد سلسلة من التضحيات والمواجهات ضد سلطات الاحتلال، سواء باستعمال الوسائل السلمية والدبلوماسية، أم بالكفاح المسلح، ثم اتجهت بعد ذلك نحو محو التبعية والسير في طريق التنمية.

رابط التحميل من موقع البستان

2 Comments

هل لديك تعليق؟

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *