II – المنهج الفلسفي الموضوعي وأثره في ترسيخ الإيمان:
1 – مفھوم الإیمان:
الإیمان: لغة: التصدیق والوثوق، ومنه قوله تعالى: ﴿وَمَا أَنتَ بِمُؤْمِنٍ لَّنَا وَلَوْ كُنَّا صَادِقِينَ﴾، أما اصطلاحا: فھو التصدیق الجازم والاعتقاد الیقیني بوحدانیة الله ورسالاته، وھو ما انعقد علیه القلب، وصدقه اللسان، وعملت به الجوارح والأركان.
2 – أثر المنھج الفلسفي الموضوعي في ترسیخ الإیمان:
یستخدم المنھج الفلسفي المنھج التأملي والعقلي والتحلیلي:
- المنھج التأملي: یعتمد على التفكیر الذاتي للفیلسوف.
- المنھج العقلي: یعتمد على العقل في إدراكه.
- المنھج التحلیلي: لأنه یحاول الوصول للأسباب الأساسیة الأولى للموضوعات.
باستخدام ھذا المنھج یستطیع المؤمن أن یرسخ إیمانه حتى یصل إلى الإیمان الحق، فإذا التزم العقل بحدود التفكیر التي تتجلى في خلق الله وآلائه دون الخوض في ذات الله الذي ھو فوق طاقة الإنسان، فإن العقل حینما یكون مسددا بالوحي یصبح سبیلا لترسیخ الإیمان، وعبادة یؤجر علیھا، كما أن الإیمان الذي یتأسس على الفطرة ویتعمق بالعمل لا یترسخ إلا بالعلم والتساؤل الفلسفي الموضوعي البعید عن التمثلات الشخصیة الضیقة، كما أن نتاج الفكر الفلسفي العالمي المرتبط بقضایا الإیمان والدین من أھم الوسائل التي ترسخ الإیمان من خلال التفكر في آیات الآفاق والأنفس، حيث یساعد التفكیر الفلسفي الموضوعي على ترسیخ الإیمان وزیادته، والانتقال بالإنسان من إیمان المقلد إلى إیمان العالم العارف بالله.
3 – ممیزات النظر الإیماني عن النظر الفلسفي:
لیست مھمة النظر والتعقل في القرآن الكریم – حسب النظر الإیماني – إثبات أمر ما بالاستدلال المنطقي كما ھو الحال في الفلسفة، بل غایته النظر والاعتبار وإدراك الأسرار لبلوغ أعلى درجات الیقین علما وعملا.
Ⅲ – لا تعارض بين الفلسفة الراشدة والإيمان الحق:
الفلسفة علم كغیرھا من العلوم التي یمكن للمؤمن أن یجعلھا منھاجا للنظر الملكوتي، فتزیده إیمانا وینتفع بھا انتفاعا، فھي تدعو إلى إعمال العقل من أجل الوصول إلى الحقیقة، وقد تبین لنا ذلك من خلال المنھج الفلسفي، كذلك یدعو الإیمان إلى استعمال العقل لأنه المنحة الإلھیة التي فرقت بین الإنسان والحیوان، ویتجلى دور العقل في التأمل والتدبر …، والأدلة على ذلك كثیرة، منھا قوله تعالى: ﴿أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلافًا كَثِيرًا﴾، وقوله سبحانه: ﴿أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الأَرْضِ فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَا أَوْ آذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا فَإِنَّهَا لا تَعْمَى الأَبْصَارُ وَلَكِن تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ﴾، فقضایا الدین والإیمان قابلة للتفكیر العقلي، إما بالدلیل العقلي المجرد أو بالدلیل العقلي المسدد بالوحي، إذن فالعلاقة بین الفلسفة والدین علاقة تكامل وتوافق ما دام أن غایتھما واحدة تتمثل في بلوغ الحقیقة وترسیخ الإیمان بھا.
شكرا بزاااف