ملف حول كارثة بيئية (الاحتباس الحراري)
تقديم إشكالي:
عرفت الأرض العديد من التغيرات المناخية التي استطاع العلماء إرجاع أسبابها إلى حدوث الكوارث الطبيعية التي تعرض لها سطح الأرض، إلا أن الزيادة المثيرة في درجة الحرارة على سطح الكرة الأرضية وخاصة خلال 20 سنة الأخيرة لم يستطع العلماء إخضاعها لأسباب طبيعية، حيث كان للنشاط البشري خلال هذه الفترة أثر كبير في تفسير هذه الظاهرة التي تعرف بظاهرة الاحتباس الحراري.
- فما المقصود بظاهرة الاحتباس؟
- وما هي أسباب هذه الظاهرة؟
- وما الأضرار الناتجة عنها؟
- وما هي الجهود الدولية المبذولة للحد من هذه الظاهرة؟
I – الاحتباس الحراري: مفهومه وأسبابه:
1 – مفهوم ظاهرة الاحتباس الحراري:
الاحتباس الحراري: هي الزيادة التدريجية في درجة حرارة أدنى طبقات الغلاف الجوي المحيط بالأرض، ما يرفع بالتالي درجة حرارة الأرض، ويحصل ذلك بسبب زيادة انبعاثات الغازات التي يتكون معظمها من بخار الماء، وثاني أكسيد الكربون، والميثان، وأكسيد النيتروز، والأوزون، وهي غازات طبيعية تلعب دوراً مهماً في تدفئة سطح الأرض حتى يمكن الحياة عليه، فبدونها قد تصل درجة حرارة سطح الأرض إلى ما بين 19 درجة و15 درجة مئوية تحت الصفر، حيث تقوم تلك الغازات بامتصاص جزء من الأشعة تحت الحمراء التي تنبعث من سطح الأرض كانعكاس للأشعة الساقطة على سطح الأرض من الشمس، وتحتفظ بها في الغلاف الجوي للأرض، لتحافظ على درجة حرارة الأرض في معدلها الطبيعي، وتجزم كل التقارير العلمية بأن المناخ يسخن بسرعة ولا تقدر التوازنات الطبيعية على التكيف معها، وأما الإنسان فهو المسؤول عن هذه الظاهرة، ولتلافي ذلك يجب التأثير بعزم وصرامة على السلوكات الاقتصادية والاجتماعية، وهو الشيء الذي يفترض تعديل نماذج الإنتاج والنقل والتدفئة.
2 – الأسباب المؤدية إلى ظاهرة الاحتباس الحراري:
لفهم الأسباب الحقيقية التي تؤدي إلى هذا الارتفاع الحراري يجب أن نعرف أكثر العالم الذي نعيش فيه والذي يتكون من غازات متعددة، مثل: النتروجين والأكسجين وثاني أكسيد الكربون، بالإضافة إلى بخار الماء الذي لديه تأثير قوي وخطير جدا على حرارة الغلاف الجوي للكرة الأرضية، وتقوم بعض تلك الغازات بامتصاص الحرارة، مثل: ثاني أكسيد الكربون والميثان لتعمل على تخفيض كمية الحرارة وبالتالي يبعث بالحرارة إلى خارج الغلاف الجوي للكرة الأرضية، بينما يمتص الغلاف الجوي الطاقة الحرارية لكي لا ترتفع درجة حرارة البحار والمحيطات وسطح الكرة الأرضية بشكل عام، وتسمى هذه العملية بفاعلية البيوت الخضراء التي من غيرها يصبح متوسط حرارة الغلاف الجوي للكرة الأرضية أقل بـ 30 درجة مئوية، مما يجعل الحياة غير ممكنة على سطح الأرض، فإن امتصاص الغازات الموجودة في الغلاف الجوي للحرارة المنبعثة كناتج لاحتراق أية مادة على سطح الأرض وفي الغلاف الجوي يؤدي إلى ارتفاع في المعدلات الحرارية، وإن تزايد نسبة غاز ثاني أكسيد الكربون وتراكمها في كوكب الزهرة مثلا أدى إلى ارتفاع في الحرارة مما لا يمكن العيش في وسطها لأي من الكائنات.
II – الأضرار الناجمة عن الاحتباس الحراري الجهود المبذولة للحد منه:
1 – الغازات الاحتباسية ومصادرها:
- ثاني أوكسيد الكربون عرف ارتفاعا مند ق 19م نتيجة الأنشطة البشرية، فأي تغير بحدث ثاني أوكسيد الكربون له انعكاس كبير يدوم في الهواء أكثر من قرن من الزمن، وثاني أوكسيد الكربون الناتجة عن الأنشطة البشرية آت من احتراق الوقود الاحفوري.
- غاز الميتان ينتج عن تحلل المواد العضوية في الأوساط الرطبة التي لا تحتوي على الأوكسجين، وتتراوح كمياته الطبيعية بين 160 و240 مليون طن، أما ما ينتج عن الأنشطة البشرية فهو يتجاوز ما تنتجه الطبيعة ويساهم غاز الميثان في التفاقم الإشعاعي وترد أسبابه إلى احتراق الوقود الاحفوي.
- مادة أوكسيد الازوت يعزى تضاعفه إلى استعمال الأسمدة الزراعية وتربية الماشية والصناعة الكيماوية.
- الأوزون تمتص في آن واحد أشعة ما فوق البنفسجية الشمسية والأشعة ما تحت الحمراء الصادرة عن سطح الأرض.
- غاز الكلورفلوروكربون إنتاجها من الأنشطة البشرية وقدرتها الاحتباسية تفوق 10.000 مرة قدرة تأنى أوكسيد الكربون.
2 – خطورة ظاهرة الاحتباس الحراري على المنظومة البيئية:
- تزايد متوسط درجات الحرارة أو ما يعرف باسم الاحترار: حيث من المنتظر أن ترتفع درجة الحرارة ما بين 2.5 و5 درجات مئوية في أفق سنة 2100، وهذا من شأنه أن يؤدي إلى ذوبان الجليد في المناطق القطبية، وبالتالي ارتفاع مستوى المياه البحرية (0.5 إلى متر).
- حدة التقلبات المناخية والكوارث الطبيعية، مثل: الجفاف والفيضانات والإعصار، وما ينتج عن ذلك من خسائر بشرية ومادية، ونقص الإنتاج الفلاحي وحدوث المجاعات والهجرات السكانية.
- انتشار بعض الأمراض المدارية في العروض الوسطى، مثل: الملاريا، إلى جانب تزايد نسبة انتشار الأمراض المرتبطة بتلوث الهواء بالأشعة فوق البنفسجية.
- انقراض بعض الحيوانات كالدب القطبي …
III – الجهود المبذولة للحد من ظاهرة الاحتباس الحراري:
1 – التدابير الدولية المتخذة لمعالجة ظاهرة الاحتباس الحراري:
في سنة 1997م عقد في مدينة كيوطو اليابانية مؤتمر دولي حول التغيرات المناخية انتهى بتوقيع اتفاقية دولية تنص على ضرورة التخفيف من نسبة الغازات المسؤولة عن الاحتباس الحراري، غير أن بعض الدول وفي طليعتها الولايات المتحدة الأمريكية رفضت المصادقة على هذه الاتفاقية، كما أن دول أخرى قررت الرفع من نسبة هذه الغازات، في نفس الوقت وقعت دول العالم الثالث على هذه الاتفاقية لكن بدون إلتزامات، وبالتالي تبقى دول أوروبا الغربية وكندا واليابان هي الدول المحترمة لبنود هذه الاتفاقية.
2 – بعض الحلول التي من شأنها أن تقلل من انبعاث الغازات المسببة للاحتباس الحراري:
- المحافظة على الطاقة والإقلال والترشيد في استعمال الوقود والمحروقات.
- العمل بكافة الوسائل الممكنة على خفض درجة تركيز غاز ثنائي أكسيد الكربون في الهواء عن طريق الحد من مصادر الطاقة العضوية قدر الإمكان، والتحول إلى استخدام مصادر بديلة غير تقليدية، مثل: الطاقة النووية، والطاقة الشمسية، وطاقة الرياح، إلى جانب الغاز الطبيعي ورصد الميزانيات اللازمة لتمويل المشاريع التي تحقق هذه الغاية.
- استخدام الوسائل التكنولوجية للتحكم في الملوثات التي يحتوي عليها عادم السيارات ولاسيما غاز أول أكسيد الكربون والهيدروكربونات كإدخال تعديلات على المحرك لتحقيق الاحتراق الكامل للوقود عن طريق التحكم في خليط الهواء والوقود ومن أمثلة هذه التعديلات ضبط تركيب مزيج الوقود والهواء الكترونياً بحيث يؤدي ذلك إلى احتراق كامل للوقود وإلى انبعاث أقل قدر ممكن من الملوثات أو تركيب جهاز قبل نهاية ماسورة العادم تكتمل فيه عملية الاحتراق ويتحول بذلك غاز أول أكسيد الكربون إلى غاز ثنائي أوكسيد الكربون.
- يجب أن تبدأ الدول الصناعية وهي الأكثر إضرارا بالبيئة والأكثر تسبباً في ظاهرة الاحتباس الحراري واجبها أن تبدأ بإنقاص استخدام المحروقات وإتباع أسس الزراعة والصناعة النظيفة.
- الحد من عملية قطع الغابات في العالم وتنظيمها عن طريق إتباع سياسة التشجير التي حققت نجاحات ملحوظة في بعض دول العالم التي ظهرت فيها مساحات واسعة من الغابات الاصطناعية.
- إلغاء الدعم الحكومي في الدول الصناعية للوقود الأحفوري.
- تحويل المواد العضوية التي تشكل 75% من القمامة إلى غاز الميثان وهو العنصر الأساسي للغاز الطبيعي وذلك بطريقة التقطير الحراري.
- إصدار التشريعات اللازمة لمنع أنشطة الإنسان التي تؤدي إلى هذه الظاهرة.
- عقد مؤتمرات وحلقات وندوات لبحث هذه المشكلة على المستوى الدولي والإقليمي والمحلي.
- ينبغي أن يشتمل التعليم على معلومات عن هذه الظاهرة كما ينبغي أن تعمل وسائل الإعلام الجماهيري بتوعية الناس بالتأثيرات البيئية الضارة.
- زراعة الأشجار والمحافظة على الثروة الغابوية.
- تقليل التلوث الصناعي والزراعي.
- ترشيد استهلاك الطاقة.
- تطوير المصادر المتجددة لإنتاج الطاقة النظيفة.
- ترشيد الاستهلاك البشري لسد الحاجات الأساسية.
- إدارة الموارد الطبيعية والحد من انفلات زيادة عدد السكان في دول الجنوب.
- رفع مستوى الوعي بآثار ظاهرة الانحباس الحراري.
- رفع مستوى الوعي بطرق مواجهة ظاهرة الانحباس الحراري.
خاتمة:
يعتبر الاحتباس الحراري أحد الأخطار التي تهدد الحياة على سطح الأرض مما يتطلب اتخاذ تدابير قانونية وتقنية للمحافظة على البيئة.