درس العالم غداة الحرب العالمية الأولى للسنة الثانية باكالوريا علوم

تمهيد إشكالي:

شهد العالم غداة الحرب العالمية الأولى عقد مؤتمر السلام ومعاهدات الصلح، وحدوث تحولات سياسية وترابية عميقة.

  • فما التحولات السياسية والترابية التي عرفتها أوربا؟
  • وما مخلفات مؤتمر الصلح؟
  • وكيف انتقل الثقل الاقتصادي إلى خارج أروبا؟

І – أبعاد مؤتمر السلام ومعاهدة الصلح:

1 – مؤتمر السلام ومعاهدات الصلح:

1 – 1 – مؤتمر السلام:

انعقد مؤتمر السلام بقصر فرساي في باريس ما بين يناير وماي سنة 1919م مباشرة بعد انتهاء الحرب الأولى، وبلغ عدد الدول الممثلة فيه 32 دولة، لكن القرارات التي اتخذها المؤتمر تمت على يد أربع دول فقط (الولايات المتحدة الأمريكية: مثلها الرئيس «ويلسون»، وكان يهدف إلى خلق أسواق لتصريف فائض الإنتاج الرأسمالي الأمريكي، وكذا إلى عدم اضعاف ألمانيا للحيلولة دون وصول الشيوعيين للحكم، وفرنسا: مثلها رئيس وزرائها «جورج كليمنصو»، وكان من أشد الدعاة لإضعاف ألمانيا بشكل كبير حتى لا تفكر لاحقا في تهديد فرنسا، وانجلترا: مثلها وزيرها الأول «اليد جورج»، وكان يرغب في تحقيق التوازن الدولي، وتبنى موقف «ويلسون» من ألمانيا، وايطاليا: مثلها وزيرها الأول «أورلوندو»، وكان همه تمكين إيطاليا من بعض الأراضي التركية كمقابل لها عن مشاركتها في الحرب)، واختتم المؤتمر أعماله بإعداد معاهدات السلام التي تم فرضها على الدول المنهزمة في الحرب.

1 – 2 – معاهدات الصلح:

  • معاهدة «سان جرمان» في 10 شتنبر 1919م مع النمسا: تم بموجبها فصل هنغاريا عن النمسا، واقتطاع أجزاء من أراضيها لصالح يوغوسلافيا وتشكوسلوفاكيا وإيطاليا وبولونيا ورومانيا واليونان، وتحديد قواتها العسكرية.
  • معاهدة «تريانون» مع المجر في 4 يونيو 1920م: تم بموجبها اقتطاع أجزاء من أراضيها لصالح يوغوسلافيا وتشكوسلوفاكيا وإيطاليا وبولونيا ورومانيا واليونان، وتحديد قواتها العسكرية.
  • معاهدة «نويي» مع بلغاريا في 27 نونبر 1919م: تم بموجبها اقتطاع بعض مناطقها لصالح الدول المجاورة (اليونان، يوغوسلافيا، رومانيا)، وتحديد ومراقبة قواتها العسكرية.
  • معاهدة «سيفر» مع تركيا العثمانية في 11 غشت 1920م: تم بموجبها تفكيك الإمبراطورية العثمانية، واقتطاع أراضيها الأوربية لصالح الدول المجاورة، ووضع أراضي المشرق العربي تحت الانتدابين البيرطاني والفرنسي، وجعل مضيقي الدردنيل والبوسفور تحت الرقابة الدولية.

2 – أبعاد معاهدة فرساي:

2 – 1 – الشروط:

عقدت معاهدة فرساي مع ألمانيا سنة 1919م، وأسفرت عنها مجموعة من الشروط:

  • عسكريا: أسفرت المعاهدة عن تجريد «منطقة الراين» من السلاح ووضعها تحت رقابة الحلفاء لمدة 15 سنة، كما قامت بمنع تطوير الجهاز العسكري لألمانيا (حصرت عدد جنود الجيش الألماني في 100 ألف جندي)، وإلغاء الخدمة العسكرية.
  • سياسيا: إلتزمت الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا بالتدخل السريع إلى جانب فرنسا في حالة حدوث هجوم ألماني مفاجئ عليها أو على بلجيكا، كما حملت المعاهدة ألمانيا مسؤولية الحرب.
  • ماليا: التزمت ألمانيا بدفع غرامة مالية تقدر ب 132 مليار مارك ذهبي كتعويضات عن الخسائر التي تكبدتها الدول المنتصرة.
  • ترابيا: استرجعت فرنسا إقليمي الألزاس واللورين، وتم اقتطاع أراضي من ألمانيا لصالح بولونيا والدنمارك وبلجيكا وتشيكوسلوفاكيا، وتوزيع مستعمراتها على فرنسا وانجلترا، كما تدخلت عصبة الأمم في الاشراف على منطقة السار الفحمية وإلحاقها جمركيا بفرنسا.

2 – 2 – الأبعاد:

  • معارضة ألمانيا لمصالح إيطاليا والدول المنهزمة والمستعمرات.
  • مطالبة إيطاليا والدول المنهزمة بمراجعة بنود معاهدات الصلح وتنكر بريطانيا وفرنسا للوعود التي قطعتها أثناء الحرب مع المستعمرات.
  • بروز تيارات قومية بأوربا والشرق العربي.
  • ميلاد أنظمة ديكتاتورية.
  • اندلاع حركات ثورية بأوربا وأخرى تحررية في المناطق العربية وداخل المستعمرات.

II – التحولات السياسية الكبرى في أوربا والعالم غداة الحرب العالمية الأولى:

1 – التحولات السياسية والترابية في أوربا:

1 – 1 – التغيرات الترابية التي طرأت على خريطة أوربا السياسية:

أدت نتائج الحرب العالمية الأولى والتي قررها مؤتمر الصلح إلى إعادة ترسيم الخريطة السياسية لأوربا، مما ساهم في اختفاء دول وبروز أخرى، فقد اختفت الإمبراطوريات النمساوية – الهنغارية والعثمانية، بالمقابل برزت دول جديدة على الخريطة كيوغوسالفيا وتشيكوسلوفاكيا وبولونيا، واستهدفت المعاهدات الموقعة هدم كيان الدول المنهزمة واضعافها بصفة نهائية، الأمر الذي ستكون له انعكاسات عميقة في نهاية الثلاثينيات.

1 – 2 – التحولات السياسية (إنشاء عصبة الأمم):

اقترح الرئيس الأمريكي «ويلسون» في مؤتمر السلام تشكيل هيئة دولية تبث في النزاعات الدولية، وذلك ما تم بالفعل، حيث تأسست عصبة الأمم سنة 1919م، وكانت تهدف لمنع المعاهدات السرية والنزع التدريجي للسلاح من أجل الحفاظ على الأمن العالمي، لكن في واقع الأمر لم تكن العصبة إلا مجرد أداة في خدمة مصالح القوى الكبرى أنداك.

2 – تراجع مكانة الاقتصاد الأوربي بعد الحرب الأولى:

مست العمليات العسكرية بصفة خاصة مناطق البلقان وأوربا الغربية وبولونيا، فدمرت المباني وتعطلت مساحات واسعة من الأراضي الفلاحية بسبب اتلاف ملايين الهكتارات، واستنزفت المناجم، وخربت العديد من المصانع وتحولت أخرى إلى إنتاج المعدات الحربية، فانخفض الإنتاج الفلاحي بنسبة %20 والصناعي بنسبة %30 وتراجع الاقتصاد الأوربي، بالمقابل نما الاقتصاد الأمريكي والياباني، حيث تراكم لدى الولايات المتحدة الأمريكية احتياطي الذهب العالمي.

3 – أوضاع المستعمرات غداة الحرب العالمية الأولى:

لقد تم توزيع المستعمرات التي كانت تابعة للدول المنهزمة على الدول المنتصرة، حيث زادت هذه الأخيرة من مجالها التوسعي التوسعي، ونهجت الدول الأوربية خاصة فرنسا وانجلترا سياسة استعمارية تهدف إلى استغلال خيرات المستعمرات وثرواتها المادية والبشرية لإعادة بناء الاقتصاد الأوربي الذي دمرته الحرب، وكان لذلك آثار سلبية على أوضاع المستعمرات اقتصاديا واجتماعيا، مما نتج عنه نشوء حركات مقاومة لسياسة الاستعمار.

خاتمة:

عرفت أوربا خلال الحرب العالمية الأولى عقد مؤتمر السلام، وتوقيع معاهدات الصلح وحدوث تحولات سياسية كبرى في أوربا والعالم.

رابط لتحيل من موقع البسان

هل لديك تعليق؟

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *