إن مشاركة المغرب بجانب الحلفاء في الحرب العالمية الثانية لها أهمية كبرى في التاريخ، فقد شاركت المستعمرات من أجل تحقيق السلم والنضال والدفاع عن الحرية والديمقراطية للمجتمعات، وقد ساهمت عدة ظروف في هذه المساهمة.
وما هي نتائج هذه المشاركة؟
رغم وقوع المغرب تحت الاحتلال الفرنسي فقد ساهم إلى جانب الحلفاء لتحرير أوربا وفرنسا تحديدا من الديكتاتوريات الفاشية الإيطالية والنازية الألمانية، وتتجلى أسباب المشاركة فيما يلي׃
لقد كانت مساهمة المغاربة في الحرب هامة ومتنوعة، فهي لم تكن مالية واقتصادية ومادية فقط بل كانت أيضا مساهمة بشرية، لهذا استجاب الشعب المغربي لنداء سلطانه ودعم بكل حيوية ونشاط جهود فرنسا وحلفاءها، وبالتالي ساهم ذلك في تحقيق النصر سنة 1945م.
لعب الموقع الاستراتيجي للمغرب دورا فعالا وهاما بالنسبة لدول الحلفاء لقطع الطريق على احتلال ألمانيا لحوض البحر الأبيض المتوسط، ولاتخاذ بلدان شمال إفريقيا قاعدة لانطلاق الهجوم على ألمانيا وحليفتها إيطاليا، ولهذه الاعتبارات نزلت قوات الحلفاء بسواحل المغرب (الدار البيضاء، المهدية …) في إطار عملية عسكرية أطلق عليها اسم «عملية الشعلة».
التحقت فرق عسكرية مغربية من الرماة والمدفعية والهندسة بالجبهات الحربية الأمامية لقتال الفاشية والنازية في منطقة الجزائر وتونس والبحر الأبيض المتوسط، وفي الأراضي الأوروبية بدءا بصقلية وإيطاليا ثم فرنسا وبلجيكا وألمانيا …، وفي الجبال (جبال الألب) والأودية (السين، والراين، والدانوب) في ظروف مناخية قاسية (برد، وثلوج …)، وقد أبان الجنود المغاربة عن شجاعة حربية عالية اعترف بها الأعداء والحلفاء، حيث وقعوا على مشاركة فعالة في مختلف جبهات القتال (الجبهة المتوسطية، الجبهة الغربية …)، بحيث تمكنت فيالقهم العسكرية من المساهمة في تحرير إيطاليا من النظام الفاشي وتحرير فرنسا والتوغل في عمق التراب الألماني وأسر 1500 جندي نازي، وتقديرا للتضحيات العسكرية الجسيمة للمغاربة (2883 قتيلا، و12495 جريحا، و474 مفقودا) توج الجنرال «شارل ديغول Charles de Gaulle» السلطان محمد الخامس بوسام تقدير كـ «رفيق التحرير»، وحضي الجنود المغاربة بالتنويه على شجاعتهم إثر مساهمتهم إلى جانب الحلفاء لتحرير أوربا من الديكتاتوريتين النازية بألمانيا والفاشية بإيطاليا.
ساهم المغرب مساهمة اقتصادية مهمة في الحرب العالمية الثانية إلى جانب الحلفاء، فقد قام بتزويد فرنسا بالمنتوجات الفلاحية (22.50% من الإنتاج الإجمالي من البواكر، و7.44 مليون طن من البطاطس، ومليون رأس من المواشي …) كوسيلة لسد حاجيات فرنسا الأساسية، كما ساهم المغاربة ماليا من خلال الاكتتابات والتبرعات تحت أسماء ومسوغات مختلفة (الإخاء الحربي: لجنة تأسست لدعم المجندين والأسرى وأسرهم والضحايا، ولجنة الإنقاذ الوطني: لتقديم المساعدات للسكان المدنيين المتضررين من الحرب، وكناش الغائب: تكلفت بتخصيص دفتر للادخار الشخصي للغائبين قصد الاستفادة منها بعد عودتهم)، وقد وصلت قيمة الاكتتابات والتبرعات أكثر من خمسة مليار فرنك، بالإضافة إلى ريع الطوابع البريدية، كما وضع المغرب رهن إشارة فرنسا إنتاج واستغلال الثروات المنجمية، وتنازل لها عن عائداته من العملة الصعبة المستخلصة من مبيعات الفوسفاط، مما أثر سلبا على الاقتصاد المغربي، حيث ارتفعت نسبة الصادرات واستنزفت الموارد المغربية.
لحق المغرب خسائر متعددة في مختلف المجالات׃
ورغم تكبد المغرب كل هذه الخسائر وفي مجالات متعددة، إلا أن مشاركة المغرب ساهمت في تحرير أوربا من سيطرة الأنظمة الديكتاتورية الفاشية والنازية، وجسدت تضحية غالية من طرف المغرب لترسيخ قيم السيادة والعدالة والحرية والسلم والديمقراطية، ووشحت صدور المغاربة بأوسمة الشرف والشجاعة، واعتبر قائد البلاد محمد الخامس رمز الحرية ورفيق التحرير.
نستنتج إذن أن مساهمة المغرب إلى جانب الحلفاء في الحرب العالمية الثانية كانت كبيرة وفعالة ومهمة لنيل أوروبا النصر وهزيمة الديكتاتوريات الفاشية الإيطالية والنازية الألمانية٬ لكن المغرب تضرر كثيرا جراء هذه المساهمة بشكل كبير في العديد من المجالات، وبهذا ظل تابعا لفرنسا بسبب الاستيراد.
عرض التعليقات
ماهي المصادر المعتمدة في انجاز هذا الملف