ملف: المنظمة العالمية للتجارة – مادة الجغرافيا – الثانية باكالوريا آداب

المنظمة العالمية للتجارة

تمهيد إشكالي:

يعرف الاقتصاد العالمي العديد من المتغيرات التي قد تنعكس سلباً أو إيجاباً على أدائه، فمنذ القدم لم يكن للدول أن تتدخل في التجارة الدولية لفرض قيوداً عليها، نظراً لدور الدولة الحارسة آنذاك، والتي تسهر فقط على تحقيق الأمن والعدل، وظلت التجارة الدولية دون قيود حتى ظهور نظريات التجاريين التي أخضعتها للعديد من قيود الحماية، وقد تزايدت الحواجز المباشرة بصورة انتقامية إلى درجة تكاد أن توصف فيها بالحرب التجارية خلال الفترة التي سبقت الحرب العالمية الثانية، مما أدى إلى حدوث انكماش اقتصادي في أغلب بقاع العالم، وأمام هذا الوضع غير المناسب كان لابد من بذل الجهود في سبيل إزالة الحواجز أمام حرية التبادل التجاري، وتجسد ذلك في انتقال الاتفاقيات الثنائية في التجارة الخارجية إلى اتفاقيات متعددة الأطراف، الأمر الذي فتح المجال أمام التعاون التجاري، وعقب انتهاء الحرب العالمية الثانية، عمدت الدول أن تخطو الخطوة الأولى في سبيل تخفيض القيود الجمركية المفروضة على تجارتها الخارجية بعد إعادة بناء ما دمرته الحرب، بحيث ظهر اتجاه تبنته الولايات المتحدة الأمريكية لإنشاء منظمة دولية تكمل الإطار المؤسسي الدولي، يهدف إلى تحرير النظام العالمي إلى جانب FMI وBM، فظهرت المنظمة العالمية للتجارة (OMC).

  • فما هي المنظمة العالمية للتجارة؟ وكيف نشأت؟
  • وما هي أهداف ومهام المنظمة وهيكلها التنظيمي؟
  • وما هي آثار تطبيق الاتفاقية على بلدان الشمال والجنوب؟ وما رد الفعل اتجاهها؟
  • وما أثار انضمام المغرب إلى المنظمة العالمية للتجارة؟

I – المنظمة العالمية للتجارة: تعريفها، نشأتها، ومبادئها:

1 – تعريف ومسار تكوين المنظمة العالمية للتجارة:

المنظمة العالمية للتجارة: هي مؤسسة دولية مستقلة ماليا وإداريا، غير خاضعة لهيئة الأمم المتحدة،  تسعى إلى تقوية وتنمية التبادل الحر في العالم، وهي النظام الدولي الوحيد الذي ينشغل بالقواعد التي تدير التجارة بين البلدان، تأسست بموجب العقد الختامي لجولة الاورغواي بمدينة مراكش سنة 1994م، ففي أعقاب الحرب العالمية الثانية، ظهرت الحاجة إلى تحرير التجارة الدولية للتغلب على المصاعب والمشاكل التي عاناها الاقتصاد العالمي خلال فترة الحرب، ولمنع تكرار الكساد الاقتصادي الكبير الذي حاق بالعالم في أوائل ثلاثينيات ق 20م، وقد أدرك العالم حينذاك أن تحرير التجارة هو الاتجاه الصحيح الوحيد للتنمية الاقتصادية، وتحقيق معدلات نمو عالية، وتحرير التجارة من تأثير مباشر في الإنتاج والاستهلاك والاستثمار، ونتيجة لذلك، جاءت اتفاقية “الجات” GATT عام 1947م، وهي اتفاقية للتجارة متعددة الأطراف، هدفها “تحرير التجارة الدولية” عن طريق إزالة الحواجز التجارية (الجمركية وغير الجمركية)، التي تضعها الدول في وجه التجارة الخارجية، وفتح الأسواق للمنافسة الدولية؛ لتقود العالم إلى الانتعاش الاقتصادي والرخاء، ولتكوِّن مع صندوق النقد الدولي والبنك الدولي للإنشاء وإعادة التعمير أركان النظام الاقتصادي العالمي الجديد، وقد شهدت الجات ثماني جولات من المفاوضات، بين عامَي 1947م و1994م، وتُعَدّ الجولة الثامنة المعروفة باسم “جولة أوروجواي” أهم الجولات جميعاً، إذ دارت المفاوضات خلالها بين عدد كبير غير مسبوق من الدول (124 دولة)، في معظم جوانب التجارة العالمية، مثل: التجارة الدولية في السلع، وفي قطاع الخدمات، وحقوق الملكية الفكرية، وقوانين الاستثمار وآثارها في التجارة الدولية، والقواعد العامة لتلك التجارة، بل إن نتائج جولة أوروجواي كانت أهم ما توصلت إليه “الجات” منذ إنشائها عام 1947م، ولقد انتهت مفاوضات تحرير التجارة الدولية بين الدول الأعضاء في “الجات” إلى إعلان اتفاقية إنشاء “منظمة التجارة العالمية” بديلاً عن “اتفاقية الجات”، وذلك في مؤتمر عُقد في مدينة مراكش بالمغرب في 15 أبريل 1994م، فكان إنشاؤها من أهم إنجازات جولة مفاوضات أوروجواي، لأنها تمثل كياناً دولياً جديداً يتمتع بالشخصية المعنوية المستقلة للمنظمات الدولية، على عكس اتفاقية “الجات”، التي كانت تمثل اتفاقاً بين أطراف متعاقدة، ومنذ إنشاء منظمة التجارة العالمية أصبحت المنظمة مسؤولة عن الإشراف على النظام التجاري العالمي، وتيسير إدارة اتفاقيات “الجات” وتنفيذها، وتوفير برنامج لمفاوضات تجارية متعددة الأطراف، ومراجعة السياسات التجارية للدول الأعضاء بصفة دورية، ودخلت حيز التطبيق في أول يناير سنة 1995م، وقد حلت محل منظمة “الجات” (GATT)، ويوجد مقر المنظمة بجنيف السويسرية، وتعتبر منظمة حكومية إذ لا يشارك في قراراتها إلا حكومات الدول الأعضاء.

2 – مبادئ منظمة التجارة العالمية:

تقوم منظمة التجارة العالمية على عدد من المبادئ، أهمها:

  • عدم التمييز بين الدول الأعضاء: وينطوي هذا المبدأ على عدم التمييز بين الدول الأعضاء في المنظمة، أو منح رعاية خاصة لإحدى الدول على حساب الدول الأخرى، بحيث تتساوى كل الدول الأعضاء في الجات (GATT) في ظروف المنافسة بالأسواق الدولية، فأي ميزة تجارية يمنحها بلد لبلد آخر يستفيد منها دون مطالبة باقي الدول الأعضاء.
  • مبدأ الشفافية: يقصد بهذا المبدأ الاعتماد على التعريفة الجمركية وليس على القيود الكمية (التي تفتقر إلى الشفافية)، أي أن تكون التعريفة محددة على الكيف، إذا اقتضت الضرورة تقييم التجارة الدولية، وبذلك ينبغي على الدول التي يتحتم عليها حماية الصناعة الوطنية، أو علاج العجز في ميزان المدفوعات أن تلجأ لسياسة الأسعار والتعريفة الجمركية مع الابتعاد عن القيود الكمية، مثل: الحصص (حصص الاستيراد)، ويرجع ذلك إلى أنه في ظل قيود الأسعار يمكن بسهولة تحديد حجم الحماية أو الدعم الممنوح للمنتج المحلي.
  • مبدأ المفاوضات التجارية: وهذا المبدأ معناه اعتبار منظمة التجارة العالمية هي الإطار التفاوضي المناسب لتنفيذ الأحكام أو تسوية المنازعات.
  • مبدأ المعاملة التجارية التفضيلية: أي منح الدول النامية علاقات تجارية تفضيلية مع الدول المتقدمة، وذلك بهدف دعم خطط الدول النامية في التنمية الاقتصادية وزيادة حصيلتها من العملات الأجنبية.
  • مبدأ التبادلية: يقضي هذا المبدأ بضرورة قيام الدول الأعضاء بالاتفاقية بتحرير التجارة الدولية من القيود أو تخفيضها، ولكن في إطار مفاوضات متعددة الأطراف تقوم على أساس التبادلية، بمعنى أن كل تخفيف في الحواجز الجمركية أو غير الجمركية لدولة ما، لابد وأن يقابله تخفيف معادل في القيمة من الجانب الآخر حتى تتعادل الفوائد التي تحصل عليها كل دولة وما تصل إليه المفاوضات في هذا الصدد، ويصبح ملزمًا لكل الدول، ولا يجوز بعده إجراء أي تعديل جديد إلا بمفاوضات جديدة.

اضغط على الصفحة التالية لمتابعة القراءة. أنت الآن بالصفحة 1 من 5.

رابط التحميل من موقع البستان

11 Comments

هل لديك تعليق؟

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *