عرفت أوربا خلال القرنين 16 و17م ظهور حركة فلسفية قادها مفكرون فرنسيون وإنجليز، ركزت على بناء تصور جديد للمجتمع، وقد أثرت هذه الحركة على الفكر السياسي خلال ق 18م، كما ساهمت في تطوير المجتمع الأوربي.
عصر الأنوار هو فكر يسعى رواده إلى إحداث قطيعة مع العالم القديم ومعالمه الفيودالية، بهدف تجاوز الوضعية المتردية للمجتمع الأوربي، الناتجة عن هيمنة الفكر الخرافي، ونفوذ الكنيسة، والاستبداد السياسي، إلى وضعية جديدة يحتل فيه العقل البشري مكانته الحقيقية، بدراسة الديانات والأخلاق والمطالبة بحق الشعوب في تقرير مصيرها بنفسها، وقد أعاد الفكر الفلسفي لعصر الأنوار الاعتبار للعقل والحواس، وتجاوز الأحكام الجاهزة والخاطئة والتقليد القديم، واعتبر فلاسفة الأنوار أن الحرية هي حق القيام بكل ما تسمح به القوانين حتى لا تضيع حرية الآخرين.
ركز “جون لوك” على الحقوق الطبيعية للأفراد، كحق السيادة على شخصه وحق الملكية والحق في الحياة، كما أعطى أهمية كبرى للسلطة التشريعية باعتبارها أعلى سلطة في الدولة، لكونها تمارس من طرف أشخاص منتخبينمن طرف الشعب، مع ضرورة الفصل بين السلطتين التشريعية والتنفيذية، وقد ترتبت عن هذه الأفكار قيام مجموعة من الثورات الاجتماعية هدفت إلى القضاء على النظام الملكي المطلق، أما “دافيد هيوم” فقد أكد على علم الكائن الإنساني عوض علم اللاهوت، معتمدا على منهج الشك للوصول للحقيقة.
دعا “فولتير” إلى الاستبداد المستنير في إطار النظام الملكي، بحيث تنتقل السلطة من رجال الدين والنبلاء إلى البورجوازية، كما أقر بأن الناس يولدون متساوين، لكنهم غير متساوون داخل المجتمع الذي يسود فيه التفاوت الطبقي من خلال حرمان الفقراء من الحق في التعليم والانتخاب، وقد رفض “مونتيسكيو” النظام الاستبدادي المطلق ونادى بفصل السلط (التنفيذية، التشريعية، القضائية)، وذلك لضمان الحرية داخل المجتمع، كما نادى “جون جاك روسو” في نظريته “العقد الاجتماعي” إلى سن نظام سياسي ديمقراطي، يكون فيه الشعب رمزا للسيادة، كما زكى نظرية فصل السلط التي أتى بها “مونتيسكيو” مع إعطائه الأولوية للسلطة التشريعية.
ساهمت فلسفة عصر الأنوار خصوصا الفكر السياسي، في اندلاع مجموعة من الثورات الاجتماعية والسياسية بأوربا وأمريكا.
عرض التعليقات
شكرا على درس
لقد كان مفيد للغاية
شكرا جزيلا على الدرس انه رائع