رعاية الحقوق في الإسلام

مدخل تمهيدي:

أرسل الله سبحانه وتعالى سیدنا محمد ﷺ برسالة الحق بشیرا ونذیرا، لنصرة ھذا الحق وھدایة الناس، فدعاھم إلى رعایة حقوق الله، وحقوق  الناس.

• فما هو مفهوم الحق؟
• وكیف تمت رعایة الحقوق في الإسلام؟

النصوص المؤطرة للدرس:

قَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى:

﴿… وَيَمْحُ اللَّهُ الْبَاطِلَ وَيُحِقُّ الْحَقَّ بِكَلِمَاتِهِ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ﴾.

[سورة الشورى، الآية: 24]

قَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى:

﴿كَانَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً فَبَعَثَ اللَّهُ النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ وَأَنزَلَ مَعَهُمُ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِيَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ فِيمَا اخْتَلَفُواْ فِيهِ وَمَا اخْتَلَفَ فِيهِ …﴾.

[سورة البقرة، الآية: 213]

عَنْ أَبِي جُحَيْفَةَ وَهبِ بْنِ عبد اللَّه رضي اللَّهُ عنه قَالَ: آخَى النَّبِيُّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم بَيْن سَلْمَانَ وأَبِي الدَّرْدَاءِ، فَزَارَ سلْمَانُ أَبَا الدَّرْدَاءِ، فَرَأَى أُمَّ الدَّرْدَاء مُتَبَذِّلَةً فقالَ: مَا شَأْنُكِ؟ قالَتْ: أَخْوكَ أَبُو الدَّرداءِ ليْسَ لَهُ حَاجةٌ فِي الدُّنْيَا. فَجَاءَ أَبُو الدرْدَاءِ فَصَنَعَ لَه طَعَاماً، فقالَ لَهُ: كُلْ فَإِنِّي صَائِمٌ، قالَ: مَا أَنا بآكلٍ حَتَّى تأْكلَ، فَأَكَلَ، فَلَّمَا كانَ اللَّيْلُ ذَهَبَ أَبُو الدَّرْداءِ يقُوم فَقَالَ لَه: نَمْ فَنَام، ثُمَّ ذَهَبَ يَقُوم فقالَ لَه: نَمْ، فَلَمَّا كَانَ من آخرِ اللَّيْلِ قالَ سلْمانُ: قُم الآنَ، فَصَلَّيَا جَمِيعاً، فقالَ لَهُ سَلْمَانُ: إِنَّ لرَبِّكَ عَلَيْكَ حَقًّا، وَإِنَّ لنَفْسِكَ عَلَيْكَ حَقّاً، ولأهلِك عَلَيْكَ حَقًّا، فَأَعْطِ كُلَّ ذِي حَقٍّ حَقَّه، فَأَتَى النَّبِيَّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم فَذَكر ذلكَ لَه، فقالَ النَّبِيُّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم: «صَدَقَ سلْمَانُ».

[رواه البخاري]

I – دراسة النصوص وقراءتها:

1 – توثيق النصوص:

أ – التعريف بسورة الشورى:

سورة الشورى: مكية، ما عدا الآيات 23، و24، و25، و27 فهي مدنية، عدد آياتها 53 آية، ترتيبها الثانية والأربعون في المصحف الشريف، نزلت بعد سورة فصلت، سميت سورة بهذا الاسم تنويها بمكانة الشورى في الإسلام، وتعليما للمؤمنين أن يقيموا حياتهم على هذا المنهج الأمثل الأكمل، لما له من أثر عظيم في حياة الفرد والمجتمع، هذه السورة الكريمة تعالج أمور العقيدة (الوحدانية، الرسالة، البعث والجزاء)، والمحور الذي تدور حوله هو الوحي والرسالة، وهو الهدف الأساسي للسورة الكريمة.

ب – التعريف بسورة البقرة:

سورة البقرة: مدنية، عدد آياتها 286 آية، وهي السورة الثانية من حيث الترتيب في المصحف الشريف، وهي أول سورة نزلت بالمدينة المنورة، سميت بهذا الاسم  إحياء لذكرى معجزة موسى عليه السلام، حيث قتل شخص من بني إسرائيل ولم يعرفوا قاتله، فعرضوا الأمر عل موسى لعله يعرف القاتل، فأوحى الله إليه أن يأمرهم بذبح بقرة وأن يضربوا الميت بجزء منها فيحيا بإذن الله ويخبرهم عن القاتل، وتكون برهانا على قدرة الله جل وعلا في إحياء الخلق بعد الموت، سورة البقرة من السور المدنية التي تعني بجانب التشريع، شأنها كشأن سائر السور المدنية التي تعالج النظم والقوانين التشريعية التي يحتاج إليها المسلمون في حياتهم الاجتماعية.

ج – التعريف بأبي جحيفة:

أبي جحيفة: هو وهب بن عبد الله، ويقال: وهب بن عبد الله بن مسلم بن جنادة بن جندب بن حبيب سواءة بن عامر بن صعصعة العامري السوائي‏، الكوفى، كان من صغار الصحابة، حيث توفى النبى ﷺ وهو صبى لم يبلغ الحلم، جعله علي بن أبي طالب على بيت المال بالكوفة وشهد معه مشاهده كلها وكان يحبه ويثق إليه ويسميه وهب الخيرـ توفي سنة أربع وسبعين للهجرة.

II – فهم النصوص:

1 – مدلولات الألفاظ والعبارات:

• یمحو: یبطل.
• یحق: یثبت ویعزز.
• مبشرین: داعین إلى الخیر.
• منذرین: منفرین من الشر ومحذرین منه.

2 – المعاني الأساسية للنصوص:

• تكفل الله عز وجل بإبطال الباطل وإحقاق الحق.
• من وظائف الرسل إقامة العدل بين الناس.
• حق الله، وحق النفس، وحق الأھل من الحقوق التي یجب حفظها.

تحليل محاور الدرس ومناقشتها:

I – مفهوم الحق وأنواعه في الإسلام:

1 – مفهوم الحق في الاسلام:

الحق: لغة: الثابت، واصطلاحا: مصلحة مقررة شرعا، والحق اسم من أسماء الله تعالى، التي وصف بها نفسه، قال تعالبى: ﴿ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ﴾، ذلك أن الله خلق الناس وشرع لهم حقوقا وعرفهم بها، وحد حدودا لحمايتها ورعايتها، ووضع عقوبات في حق من اعتدى عليها، وكل حق في الإسلام يقابله واجب حتى يضمن كل منا التمتع بحقوقه.

2 – انواع الحقوق في الاسلام:

يعتبر الاسلام أن كل حقوق الإنسان فهي في نفس الوقت حقوقا للبشرية وحقوقا لله، خولها تعالى لعباده دون تمييز في اللون والجنس، لذا فالمس بها هو اخلال بالحق الالهي، ومن أنواع الحقوق:

• حق الله تعالى: وذلك بعبادته، وعدم الإشراك به، واتباع أوامره واجتناب نواهيه.
• حق النفس: بالقيام بحاجياتها من تغذية ونظافة، وعدم تحميلها ما لا تطيق، وعدم حرمانها من النعم التي أحلها الله تعالى لعباده.
• حق الأهل: بالإنفاق على أولاده، وحسن معاملتهم، والإحسان إلى زوجته، وصلة رحمه، والبر بالوالدين.
• حق الجيران: بحسن معاملتهم، وحفظ أسرارهم، ومشاركتهم أفراحهم وأحزانهم، ومساعدتهم أثناء الحاجة.

II – رعاية الحقوق في الإسلام:

اعتبر الإسلام الحقوق الأساسية والحريات العامة جزءا من دين المسلمين لا يملك أحد تعطيلها كليا أو جزئيا، وجعل رعايتها عبادة وإهمالها أو العدوان عليها منكرا في الدين، فكل إنسان مسؤول عنها بمفرده، والأمة مسؤولة عنها بالتضامن، لذا اعتبر الإسلام:

• الإيمان و التربية أساس احترام الحقوق: فلا خير في مؤمن لا يؤدي واجبه لينتفع أخوه بحقه.
• الدولة والمجتمع راعيين لها: حيث أوجب الله تعالى عليهما رعايتها، والسهر على العمل على الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.