تحليل محاور الدرس ومناقشتها:
I – مفهوم التوسط والاعتدال ومجالاتهما:
1 – مفهوم التوسط والاعتدال:
التوسط والاعتدال: لغة: التوسط، والعدل، والاقتصاد في الأمور، واصطلاحا: خاصية من الخصائص العامة للإسلام، ونعني بها التوازن والتوسط بين مطالب الدنيا والآخرة، وبين مطالب الروح والجسد، وبين العمل والعبادة، وبين الحقوق والواجبات، فلا إفراط ولا تفريط، ولا غلو ولا تقصير، فالتوسط والاعتدال وسط بين طرفين.
2 – مجالات التوسط والاعتدال:
من مجالات التوسط والاعتدال، نذكر:
- التوسط والاعتدال في أصل خلق البشر: وذلك أن الله خلق الإنسان من طين الأرض ونفخة من روحه، فقال تعالى: ﴿إِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ إِنِّي خَالِقٌ بَشَرًا مِن طِينٍ فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِن رُّوحِي فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ﴾، فدل هذا على أن التوازن والاعتدال بين المادة والروح أمر ضروري في حياة الإنسان.
- التوسط والاعتدال بين العمل والعبادة: فالله تعالى أمر عباده بالموازنة بين العبادة والعمل في عدد من الآيات، منها قوله تعالى: ﴿فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلاةُ فَانتَشِرُوا فِي الأَرْضِ وَابْتَغُوا مِن فَضْلِ اللَّهِ وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَّعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ﴾.
- التوسط والاعتدال في كسب المال وصرفه: أمر الله سبحانه وتعالى بالتوسط في الإنفاق فقال جل شأنه: ﴿وَالَّذِينَ إِذَا أَنفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَامًا﴾.
- التوسط والاعتدال بين الحقوق والواجبات: ومن النصوص الدالة على ذلك قول أَبي الدرداء لسلمان الفارسي: «إِنَّ لِرَبِّكَ عليك حَقًّا، وإِنَّ لِنَفْسِكَ عليك حَقًّا، ولأهْلِكَ عليك حَقًّا. فَأَعْطِ كُلَّ ذِي حَقٍّ حَقَّهُ».
- التوسط والاعتدال في أداء العبادات: إن أداء العبادات واجب شرعي إلا أن الغلو والمبالغة فيها قد يؤدي إلى الملل والضجر، وبالتالي إلى تركها جملة، قال رسول الله ﷺ: «إِنَّ الدِّينَ يُسْرٌ ، وَلَنْ يُشَادَّ الدِّينَ أَحَدٌ إِلاَّ غَلَبَهُ ، فَسَدِّدُوا وَقَارِبُوا وَأَبْشِرُوا ، وَاسْتَعِينُوا بِالْغَدْوَةِ وَالرَّوْحَةِ وَشَىْءٍ مِنَ الدُّلْجَةِ».
II – أثر التزام التوسط والاعتدال ومخاطر الابتعاد عنهما:
1 – آثار التزام منهج التوسط والاعتدال:
للالتزام منهج التوسط والاعتدال آثار كثيرة، منها:
- أداء العمل والعبادة على الدوام، وضمان استمرارية أدائهما.
- الاقتصاد في الجهود والطاقات.
- تجنب الملل والسآمة.
- القيام بمختلف الواجبات وأداء كل المسؤوليات، وإعطاء لكل ذي حق حقه.
- خلق التوازن بين مطالب الروح والجسد.
2 – مخاطر الابتعاد عن منهج التوسط والاعتدال:
من مخاطر الابتعاد عن منهج التوسط والاعتدال:
- تنفير الناس من الدين: قال رسول الله ﷺ: «يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ مِنْكُمْ مُنَفِّرِينَ، فَأَيُّكُمْ مَا صَلَّى بِالنَّاسِ فَلْيَتَجَوَّزْ، فَإِنَّ فِيهِمُ الْمَرِيضَ وَالْكَبِيرَ وَذَا الْحَاجَةِ».
- الفتور أو الانقطاع عن العمل: قال رسول الله ﷺ: «إِنَّ هَذَا الدِّينَ مَتِينٌ، فَأَوْغِلْ فِيهِ بِرِفْقٍ، وَلا تُبَغِّضْ إِلَى نَفْسِكَ عِبَادَةَ رَبِّكَ، فَإِنَّ الْمُنْبَتَّ لا سَفَرًا قَطَعَ، وَلا ظَهْرًا أَبْقَى، فَاعْمَلْ عَمَلَ امْرِئٍ يَظُنُّ أَنْ لَنْ يَمُوتَ أَبَدًا، وَاحْذَرْ حَذَرًا يَخْشَى أَنْ يَمُوتَ غَدًا».
- الوقوع في الغلو والتطرف والانحراف: قال رسول الله ﷺ: «إِيَّاكُمْ وَالْغُلُوَّ فِي الدِّينِ، فَإِنَّهُ أَهْلَكَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمُ الْغُلُوُّ فِي الدِّينِ».