ترتيب المصالح
ترتيب الأحكام الشرعية بحسب المقصود منها:
الضروريات أهم هذه المقاصد لأنه يترتب على فقدها اختلال نظام الحياة، وشيوع الفوضى بين الناس وضياع مصالحهم، وتليها الحاجيات، لأنه يترتب على فقدها وقوع الناس في الحرج والعسر، واحتمال المشقات التي قد تنوء بهم، دون اختلال نظام حياة الناس وشيوع الفوضى بينهم، وتليها التحسينيات، لأنه لا يترتب على فقدها اختلال نظام الحياة ولا وقوع الناس في الحرج، ولكن يترتب على فقدها خروج الناس على مقتضى الكمال الإنساني والمروءة وما تستحسنه العقول السليمة، وعلى هذا فالأحكام الشرعية التي شرعت لحفظ الضروريات أهم الأحكام وأحقها بالمراعاة، وتليها الأحكام التي شرعت لتوفير الحاجيات، ثم الأحكام التي شرعت للتحسين والتجميل، وتعتبر الأحكام التي شرعت للتحسينيات كالمكملة التي شرعت للحاجيات، وتعتبر الأحكام التي شرعت للحاجيات كالمكملة للتي شرعت لحفظ الضروريات.
فائدة ترتيب الأحكام الشرعية:
تظهر فائدة هذا الترتيب عند تعارض المصالح، حيث لا يراعى حكم تحسيني إذا كان في مراعاته إخلال بحكم ضروري أو حاجي، لأن المكمل لا يراعى إذا كان في مراعاته إخلال بما هو مكمل له، ومن ذلك:
- أبيح كشف العورة إذا اقتضى هذا علاج أو عملية جراحية، لأن ستر العورة تحسيني، والعلاج ضروري.
- أبيح تناول النجس إذا كان دواء أو اضطر إليه، لأن الاحتراز عن النجاسات تحسيني، والمداواة ودفع الضروريات ضروري.
- أبيح بيع المعدوم في السلم والاستصناع، واغتفرت الجهالة في المزرعة والمساقاة وبيع الغائب، لأن حاجة الناس قضت بألا تراعى هذه التحسينات.
لا يراعى حكم حاجي إذا كان في مراعاته إخلال بحكم ضروري، ولهذا تجب الفرائض والواجبات على المكلفين الذين ليسوا في حال تبيح الرخصة وإن شق عليهم ما كلفوا به، فلو روعي أن لا تنال المكلف أية مشقة لأهملت عدة من الأحكام الضرورية من عبادات وعقوبات وغيرها، لأن كل ما أمر به المكلف أو نهى عنه لحفظ الضروريات لا يخلو امتثاله من مشقة عليه، ولكن احتملت هذه المشقة في سبيل حفظ الضروريات للمكلفين.
الأحكام الضرورية يجب مراعاتها، ولا يجوز الإخلال بحكم منها إلا إذا كانت مراعاة ضروري تؤدي إلى الإخلال بضروري أهم منه، من ذلك:
- إيجاب الجهاد حفظاً للدين وإن كان فيه تضحية النفس، لأن حفظ الدين أهم من حفظ النفس.
- إباحة شرب الخمر لمن أكره على شربها بإتلاف نفسه أو عضو منه أو اضطر إليها في ظمأ شديد، لأن حفظ النفس أهم من حفظ العقل.
- جواز لمن أكره على إتلاف مال غيره أن يقي نفسه الهلاك بإتلاف مال غيره.
فهذه الأحكام فيها إهمال حكم ضروري مراعاة لحكم ضروري أهم منه.