لم تكن العولمة شعارا ترفعه القوى الرأسمالية من أجل إسعاد الشعوب، ولا رمزا لمساعدة الدول الضعيفة، بل هي نتيجة متقدمة للإمبريالية، وهدفا للهيمنة الرأسمالية على دول العالم الثالث، وصيحة لاستنفار جميع القوى الرأسمالية من أجل سلب كافة الدول التي لا تتمتع باقتصاد قوي، وإن النزعة نحو توحيد العالم وإقامة نظام عالمي جديد يسيطر على النظم الاقتصادية، والسياسية، والثقافية ظهرت بعد الحرب العالمية الثانية وخاصة بعد تفكك الإتحاد السوفييتي.
رغم التطور الذي شهدته البلدان العربية في العقود الأخيرة فإنها ما تزال تعاني من مظاهر التخلف الاقتصادي والتبعية التجارية للخارج، حيث أنها لم تحقق لحد الآن الثورة الصناعية الأولى مع العلم أن الدول الغربية تمر بالمرحلة الثالثة من الثورة الصناعية، كما أن الاقتصاد الوطني للدول العربية ما يزال مشوها سواءا كان زراعيا أو نفطيا، كما أن الصناعة ضعيفة ومشوهة البنية حتى في أكثرها تقدما، إضافة إلى تخلف البنية الاجتماعية وانتشار الأمية.
من انعكاسات العولمة على العالم العربي:
البحث عن عولمة بديلة لمواجهة العولمة الرأسمالية من أجل عالم أفضل خال من وحشية استغلال الرأسمالية العالمية، وكذا فضح الظلم العالمي الذي تمارسه الرأسمالية، وفي هذا الإطار جاء المنتدى الاجتماعي العالمي في مواجهة منتى دافوس (منتدى عالمي اقتصادي يوجد بسويسرا).
لمقاومة العولمة بالدول العربية يجب إقامة تكتل اقتصادي إقليمي عربي، وتركيز الرأسمال العربي في البلدان العربية، وتنويع الشراكة مع الاتحاد الأوربي وآسيا، وتفعيل دور الجامعة العربية.
إن دول العالم العربي تقف اليوم في مفترق طرق حاسم، وإذا كانت المصالح الذاتية والآنية لبعض ذوي القرار وذوي الرأي تدفعهم لنهج أيسر السبل، سبيل التبعية الذي يمر عبر الاسترزاق الاقتصادي، والركوع السياسي، والذوبان الثقافي، فإن تحديات العولمة ـ حالاً ومستقبلاً ـ ستؤكد أن الاختيار السليم، وإن كان الأصعب، هو اختيار طريق المواجهة، عبر بناء الإنسان وإعادة الاعتبار لقيمته كأساس لكل نهضة، والاعتماد على الذات كسبيل وحيد لتراكم ثمار المجهودات التنموية، كل ذلك لا يمكن أن يؤتي أكله إلا في تربة مجال أشمل وأرحب من الحدود الوطنية الضيقة، ولن يكون غير العالم العربي مجالاً حيوياً لتفجير طاقة أبنائه واستغلال خيراته على أحسن وجه.
عرض التعليقات
أكثر من رائع شكرا لكم
شكرا لكم درس في منتهى الروعة
شكرا شكرا