تقديم إشكالي:
شهدت روسيا في أكتوبر 1917م ثورة بروليتارية بقيادة كل من «لينين» و«ستالين» زعيما الحزب البلشفي غيرت نظام الحكم بها من نظام ملكي استبدادي إلى نظام اشتراكي.
- فما هي عوامل قيام الثورة الروسية؟
- وما هي التدابير التي اتخذت من أجل بناء النظام الاشتراكي؟
- وما هي طبيعة الأزمات التي عرفتها الديمقراطيات الليبرالية في أوربا؟
І – بعض مظاهر الثورة الروسية والعوامل التي ساهمت في اندلاعها:
1 – بعض مظاهر الثورة الروسية:
شهدت روسيا مع بداية القرن 20م اندلاع مجموعة من الثورات:
- ثورة 1905م: اتخذت شكل مظاهرات للفلاحين والعمال في الشوارع للمطالبة بإقرار الحريات الدستورية، وكان من نتائجها إنشاء مجلس منتخب «الدوما»، ووضع نظام دستوري للبلاد، إلا أن الصلاحيات الفعلية ظلت بيد القيصر.
- ثورة فبراير 1917م: اتخذت في البداية شكل مظاهرات للنساء ضد ارتفاع الأسعار وندرة المواد الغذائية، وانضم إليها الجنود والعمال فاتخذت طابعا سياسيا، كان من نتائجها الإطاحة بالنظام القيصري، وتشكيل حكومة مؤقتة، لكنها اقتصرت على تحقيق مطالب الطبقة البورجوازية، وقررت مواصلة الحرب إلى جانب الحلفاء ولم تحقق مطالب عامة الشعب.
- ثورة أكتوبر 1917م: اتخذت شكل انتفاضة مسلحة قادها الحزب البلشفي، قامت باحتلال عدد كبير من مؤسسات الدولة ومحاصرة المجلس التشريعي واحتلال مقر الحكومة المؤقتة، وكان من نتائجها الإطاحة بالحكومة المؤقتة، وتكوين حكومة بلشفية شرعت في اتخاذ التدابير لبناء النظام الاشتراكي.
2 – عوامل اندلاع الثورة الروسية:
تضافرت مجموعة من العوامل لتفضي إلى اندلاع الثورة الروسية:
- العوامل السياسية: سيادة النظام القيصري المتمسك بالمؤسسات التقليدية القائمة على الحكم الفردي للقيصر، وأرستقراطية كبار الملاكين العقاريين، وهيمنة الكنيسة الأرتدوكسية والجيش، ومحدودية الإصلاحات المطبقة بعد ثورة 1905 (محدودية صلاحيات مجلس الدوما أمام السلطات الواسعة للقيصر).
- العوامل الاقتصادية: واجه الاقتصاد الروسي مع بداية القرن 20م عدة صعوبات، تمثلت في فشل الإصلاحات الرامية إلى القضاء على الإقطاعية والتحول نحو النظام الرأسمالي، وزادت الحرب العالمية الأولى من تأزم الوضع حيث قلت المواد الاستهلاكية وارتفعت الأسعار وتزايد عدد العاطلين.
- العوامل الاجتماعية: انقسام المجتمع في البوادي إلى طبقة الملاكين الكبار «الكولاك» وطبقة الفلاحين الفقراء «الموجيك»، وفي المدن عانت الطبقة العاملة من استغلال أرباب المصانع.
- العوامل العسكرية: خلف دخول روسيا الحرب العالمية الأولى دون استعداد كاف آثارا سلبية، تمثلت في ارتفاع عدد الضحايا، وندرة وارتفاع أسعار المواد الاستهلاكية.
II – أهم التدابير المتخذة لبناء النظام الاشتراكي السوفياتي:
1 – بعض التحديات التي واجهت ثورة أكتوبر 1917م والتدابير التي اتخذها لينين لمواجهتها:
1 – 1 -التدابير الأولية لبناء النظام الاشتراكي:
اتخذ لينين مباشرة بعد نجاح ثورة أكتوبر 1917م مجموعة من التدابير:
- على المستوى الداخلي: إلغاء الملكية العقارية الكبيرة، وتأميم الأبناك والصناعة والسكك الحديدية، وإلغاء حرية الصحافة، وإنشاء شرطة سياسية، ومحاكم استثنائية.
- على المستوى الخارجي: الانسحاب من الحرب العالمية الأولى، ومنح القوميات حق تقرير المصير، والانسحاب من معاهدة «سايكس بيكو».
وقد أثارت هذه القرارات معارضة كبار الملاكين وأرباب المصانع والدول الرأسمالية تطورت نحو حرب أهلية.
1 – 2 – شيوعية الحرب (1918-1921):
شهدت روسيا حربا أهلية دارت بين الجيش الأبيض الذي شكلته القوى المضادة للثورة (كبار الملاكين، ضباط الجيش القيصري، البورجوازية) بدعم من الدول الرأسمالية والجيش الأحمر الذي شكله البلاشفة، وهكذا تمت محاصرة الحكم البولشفي في بيتروغراد وموسكو مما شل نشاطه الاقتصادي، حيث توقفت الكثير من المعامل وظهرت أزمة التموين والغداء، وأمام الأخطار التي أصبحت تهدد الثورة اتخذ لينين مجموعة من الإجراءات في إطار ما يسمى بـ «شيوعية الحرب»:
- اقتصاديا: تأميم التجارة الداخلية والخارجية ووسائل النقل، وفرض نظام الأجور المتساوية، ومصادرة فائض الإنتاج الفلاحي من كبار الملاكين لضمان تموين الجيش بالمواد الغذائية.
- سياسيا: إقرار نظام الحزب الواحد (الحزب الشيوعي) ابتداء من سنة 1918.
- عسكريا: القضاء على الجيش الأبيض ابتداء من سنة 1920م، واسترجاع الأراضي التي احتلتها الدول الرأسمالية.
وقد خلفت شيوعية الحرب انعكاسات سلبية على المستوى الاقتصادي، تمثلت في تقلص المساحات المزروعة وتراجع الإنتاج نتيجة إجراءات مصادرة فائض الإنتاج، وتقلص الإنتاج الصناعي بفعل سياسة التأميم وسياسة الأجور المتساوية التي دفعت بالأطر العليا إلى الهجرة.
1 – 3 – السياسة الاقتصادية الجديدة (1921-1928):
أمام تدهور الأوضاع الاقتصادية نتيجة نهج شيوعية الحرب اتخذ لينين مجموعة من الإجراءات ذات الصبغة الليبرالية كمرحلة انتقالية، وتحت مراقبة وتوجيه الدولة (رأسمالية الدولة) في إطار «السياسة الاقتصادية الجديدة»:
- في الميدان الفلاحي: التراجع عن انتزاع الأراضي ومصادرة فائض الإنتاج، والاكتفاء بفرض ضريبة على الفلاحين، والسماح لهم ببيع جزء من المحصول، ومنحهم إمكانية كراء أراضيهم، وتشغيل عمال أجراء.
- في الميدان الصناعي: التراجع عن تأميم المقاولات الصغرى، والانفتاح على الرأسمال الأجنبي، وجلب خبراء أجانب.
- في الميدان التجاري: تحرير التجارة الداخلية.
2 – مساهمة ستالين في بناء النظام الاشتراكي السوفياتي:
بعد وفاة لينين تولى ستالين الحكم، وعمل على ترسيخ النظام الاشتراكي السوفياتي من خلال نهج سياسة التخطيط:
- منطلقات سياسة التخطيط: انطلق ستالين من الوضعية التي أصبح عليها الإتحاد السوفياتي (وفرة فرص الشغل، تنظيم عمليات الإنتاج، تركز صناعي قوي، حزب واحد منسجم، كيان سياسي مستقل، إرادة قوية لتدارك تأخر الاتحاد السوفياتي مقارنة مع الدول المتقدمة).
- أهداف سياسة التخطيط: الانتقال بالاتحاد السوفياتي من بلد زراعي يعتمد على تقنيات متواضعة إلى بلد صناعي قوي يتوفر على تقنيات حديثة، والقضاء على كل مظاهر الرأسمالية، وبناء مجتمع اشتراكي، والنهوض بالاقتصاد القروي لبناء قاعدة اقتصادية للنظام الاشتراكي بالبوادي، وتطوير القدرات العسكرية للحفاظ على وحدة واستقلال البلاد.
- نتائج سياسة التخطيط: حققت سياسة التخطيط إنجازات إيجابية، تمثلت في: توسع المساحات المزروعة، وتزايد الإنتاج الفلاحي والمعدني والصناعي، وتنوع فروع الإنتاج الصناعي من صناعات ثقيلة (الصلب)، ميكانيكية (السيارات والجرارات)، وكيماوية وفضائية.
III – بعض الأزمات التي شهدتها الديمقراطيات الليبرالية:
1 – الأوضاع العامة بإيطاليا عقب الحرب العالمية الأولى:
شاركت إيطاليا في الحرب وهي تأمل الحصول على أراض ومكاسب جديدة ومكانة رفيعة بين الدول الكبرى وتحقيق الرفاه الاجتماعي، غير أن معارضة دول الحلفاء للمطامع الاستعمارية لإيطاليا حال دون ذلك. وهكذا، فتدمر إيطاليا من مؤتمر الصلح ومعاهدة فرساي أدى إلى تحولات داخلية مختلفة:
- على المستوى السياسي: محدودية سلطات الملك فيكتور إيمانويل الثالث، وتعدد الأحزاب وتفكك أحزاب اليمين التقليدية مقابل وجود حزب اشتراكي قوي إلا انه غير قادر على أخذ السلطة، وغياب الاستقرار الحكومي، وتجمع أقلية ثورية في حزب شيوعي ضعيف، والصراع بين قوى المعارضة في البرلمان.
- على المستوى الإجتماعي: خيبة آمال الإيطاليين من نتائج الحرب، وتدهور أوضاع الفلاحين وفشل الوعود بالإصلاح الزراعي، و تزايد أعداد العمال واستياؤهم من الوضع وفقدانهم الثقة في الخطابات الإصلاحية، وتعدد الحركات العمالية المتأثرة بالفكر الاشتراكي، وتزايد المظاهرات والإضرابات العمالية، واندلاع أعمال العنف واحتلال العمال للمصانع.
- على المستوى الاقتصادي: انخفاض المواد الأولية ومصادر الطاقة، وانخفاض الإنتاج الفلاحي، و ندرة المواد الغذائية، وارتفاع الأسعار، وتفشي البطالة، وركود المبادلات التجارية.
وقد استغل «موسوليني» هذه الظروف لإقامة نظام ديكتاتوري في إيطاليا، معتمدا على عصابات شبه عسكرية (القمصان السود) التي أثارت الرعب في إيطاليا وقامت بعمليات إرهابية ضد الاشتراكيين، فرضخ الملك «إيمانويل الثالث» لمطالب «موسوليني» وكلفه بتشكيل الحكومة، وهكذا انتصرت الفاشية واستولى الدوتشي على الحكم.
2 – الأوضاع العامة بفرنسا عقب الحرب العالمية الأولى:
- اقتصاديا: سقوط فرنسا في أزمة مالية خانقة دفعها إلى رفع قيمة الضرائب (خاصة على فئة رجال الصناعة والتجار) مما ساهم في إفلاسهم، وتفاقم معاناة فرنسا من الخسائر المادية والبشرية الناتجة عن الحرب العالمية الأولى، وارتفاع قوي لسعر الفرنك نتيجة تخفيض قيمة الجنيه الإسترليني والدولار أدى إلى إضعاف الصادرات وغزو السلع الأجنبية السوق الفرنسية، نتج عنه عجز الميزان التجاري الفرنسي وتدهور الاقتصاد الفرنسي.
- اجتماعيا: تغيير البنية العمرية والجنسية للسكان نتيجة الحرب، وانخفاض نسبة المواليد وارتفاع نسبة الشيوخ والنساء، وتضرر كافة الفئات من نتائج الحرب، وتفاقم أوضاع سكان البوادي بفعل التهميش، وانتشار وتفاقم البطالة بفعل استفحال الأزمة الاقتصادية، وتزايد الخوف والقلق من المستقبل.
- سياسيا: تعدد الأحزاب المتصارعة على الحكم وتحميل الرأي العام مسؤولية الأزمات للمؤسسات والأحزاب، وظهور جماعات متطرفة (جماعة الصليب النازي، حركة فرنسا)، وظهور تكتلات حزبية للتصدي للخطر الألماني، وظهور حزب فاشي (الكتلة الوطنية 1919م، والحزب الشيوعي الفرنسي) المساند للثورة الروسية.
خاتمة:
غيرت الثورة الروسية مجرى التاريخ في روسيا خاصة وفي العالم عامة، وستكون أحد الأسباب الرئيسية في قيام عدة أزمات منها الصراع الاديولوجي والحرب الباردة، ويبقى الخاسر الأكبر هي الشعوب الفقيرة.
تلخيص جيد وشامل أشكركم كثيرا وجزاكم الله خيرا
نشكركم جدا على هذا التلخيص
نشكركم على هاته التلاخيص
هذا كتير نريد تلخيص مفصل ودقيق