لم يساير النظام الملكي في فرنسا خلال ق 18م التحولات التي عرفها المجتمع الفرنسي، مما أدى إلى قيام الثورة الفرنسية.
تشكل المجتمع الفرنسي خلال القرن 18م من فئات متفاوتة، تتمثل في:
تمثلت الأزمة الاقتصادية في تضرر البوادي وتراجع المحاصيل الزراعية بسبب الجفاف، مما أدى إلى ارتفاع الأسعار وانتشار المجاعة، فتراجعت أرباح الفلاحين وصعب عليهم أداء الضرائب، فانعكست هذه الأوضاع سلبا على ميزانية الدولة التي عرفت عجزا متواصلا ساهم في ازدياد التو ثر الاجتماعي خاصة بعد أن قرر الملك لويس 16 فرض ضرائب جديدة لحل المشكل المالي، مما أدى إلى رفضها من طرف الهيأة الثالثة فاندلعت الثورة.
عين الملك لويس 16 مراقبين عامين لتسيير الشؤون المالية والحد من الأزمة التي تعرفها البلاد، مثل تورغو الذي قدم للملك برنامجا إصلاحيا ارتكز على ثلاث نقط أساسية، وهي: “لا إفلاس، لا زيادة في الضرائب، ولا اقتراض”، فرفضت الهيئتان الأولى والثانية هذه الإصلاحات، وامتنع النبلاء والإكليروس عن أداء لضرائب مما افشل إصلاحات تورغو.
وقع الخلاف حول إصلاحات لويس 16 المالية، حيث عارضتها الهيئتان الأولى والثانية، فأسست الهيأة الثالثة “الجمعية الوطنية” فاندلعت الثورة انطلاقا من باريس يوم 4 غشت 1789م، حيث استولت البورجوازية على الحكم وأقرت الجمعية الوطنية عن “حقوق الإنسان والمواطن” يوم 26 غشت من نفس السنة، كما تمت المصادقة على دستور جديد للبلاد سنة 1791م، تحولت بموجبه فرنسا من ملكية مطلقة إلى ملكية دستورية.
سيطر التيار المتطرف (اليعاقبة) على الحكم، وتم الإعلان عن قيام النظام الجمهوري يوم 10 غشت 1792م، كما تم إعدام الملك لويس 16 مما أثار ردود فعل داخلية وخارجية، فتأسست حكومة ثورية بزعامة ماكسميليان روبسبير التي قامت بتصفية المعارضين لحكمها، مثل: الجيرونديين والملكيين وسادت فرنسا حالة من الرعب، فقامت البورجوازية المشكلة للمؤتمر الوطني باغتيال ماكسميليان روبسبير والسيطرة على الحكم من جديد يوم 24 غشت 1794م.
استطاعت البورجوازية المعتدلة الوصول للحكم، وحافظت على النظام الجمهوري كما وضعت دستورا جديدا للبلاد، وأسست حكومة جديدة سميت “بحكومة الإدارة” لكنها شهدت صراعا بين مكوناتها، فعجزت حكومة الإدارة عن مواجهة المشاكل الداخلية والخارجية، فاستنجدت بالجيش في شخص الجنرال نابليون بونابارت الذي سرعان ما قام بانقلاب ضدها في نونبر 1799م، فطبق نظاما إمبراطوريا بفرنسا، وبذلك انتهت الثورة التي دامت 10 سنوات
عملت الثورة على تقويض أسس النظام الإقطاعي القديم، وألغت الامتيازات المرتبطة به، كما أقرت مجموعة من الحقوق السياسية كالحرية والعدالة والمساواة، وقد امتدت أفكار الثورة الفرنسية خارج فرنسا، وانتشرت بين الشعوب المستعبدة، وكان لها إشعاع عالمي حيث أيقظت أمل فئات عديدة في الحرية والتحرر، ووصل تأثيرها حتى القارة الأمريكية.
تم القضاء على النظام الإقطاعي الفيودالي، وتم إقرار نظام رأسمالي ليبرالي يرتكز على الحرية والملكية الخاصة والمبادرة الفردية، وهكذا ألغيت الضرائب الفيودالية وعوضت بضرائب جديدة تقاس على أساس الثروة والمدخول، وتفرض على جميع فئات المجتمع، كما سنت مكاييل ومقاييس موحدة.
انقسم المجتمع الفرنسي إلى طبقتين متناقضتين، هما: الطبقة البورجوازية التي استفادت من الثورة وقوانينها، والطبقة الفقيرة التي لم تستفد شيئا بل اسسْتُغِلتْ من طرف البورجوازية وتدهورت وضعيتها الاقتصادية والاجتماعية، وقد تم اعتماد العلمانية في الحياة العامة، فكان لها انعكاس على الحياة العامة خصوصا في مجال العلاقات الاجتماعية، كالزواج والطلاق …
ساهم اندلاع الثورة الفرنسية في تغيرات هامة مست فرنسا وعدة دول أوربية، كما أن هذه الفترة شهدت انطلاق الثورة الصناعية انطلاقا من إنجلترا.