درس الثورات الاجتماعية والسياسية (الثورة الفرنسية) – مادة التاريخ – الجذع المشترك للتعليم الأصيل

الثورات الاجتماعية والسياسية (الثورة الفرنسية)

تقديم إشكالي:

لم يساير النظام الملكي في فرنسا خلال ق 18م التحولات التي عرفها المجتمع الفرنسي، مما أدى إلى قيام الثورة الفرنسية.

  • فما هي عوامل قيام هذه الثورة؟
  • وما هي المراحل التي مرت بها؟
  • وما هي نتائجها السياسية والاقتصادية والاجتماعية؟

I – تعددت عوامل قيام الثورة الفرنسية:

تأزمت وضعية المجتمع الفرنسي:

تشكل المجتمع الفرنسي خلال القرن 18م من فئات متفاوتة، تتمثل في:

  • هيأة النبلاء: تمثل ما بين 1% و1.5% من السكان، تتمتع بامتيازات كثيرة، كالإعفاء من الضرائب، وحق فرض الضرائب على الفلاحين، وتقلد مناصب عليا في الإدارة والجيش، كما كانت تتلقى أجورا من الملك.
  • الإكليروس (رجال الدين): مارست هذه الفئة تأثيرا روحيا على الفرنسيين، وكانت تستحوذ على 10% من الأراضي الفلاحية وتدفع ضرائب قليلة.
  • الهيأة الثالثة: تتكون من البورجوازيين والحرفيين والفلاحين الصغار، كانت تعاني من التهميش المتمثل في عدم مشاركتها في تسيير شؤون البلاد، كما كانت مثقلة بالضرائب، تأثرت هذه الفئات بأفكار عصر الأنوار خاصة البورجوازية الناشئة الأكثر طموحا للانخراط في الحياة السياسية لتأمين مصالحها الاقتصادية.

2 – أثرت الأزمة الاقتصادية في المجتمع الفرنسي:

تمثلت الأزمة الاقتصادية في تضرر البوادي وتراجع المحاصيل الزراعية بسبب الجفاف، مما أدى إلى ارتفاع الأسعار وانتشار المجاعة، فتراجعت أرباح الفلاحين وصعب عليهم أداء الضرائب، فانعكست هذه الأوضاع سلبا على ميزانية الدولة التي عرفت عجزا متواصلا ساهم في ازدياد التو ثر الاجتماعي خاصة بعد أن قرر الملك لويس 16 فرض ضرائب جديدة لحل المشكل المالي، مما أدى إلى رفضها من طرف الهيأة الثالثة فاندلعت الثورة.

3 – دور العوامل السياسية في قيام الثورة الفرنسية:

  • ساهم التقسيم الإداري في مشاكل سياسية، حيث تم تقسيم التراب الفرنسي إلى عدة ولايات ومقاطعات، وكان  من مساوئ هذا التقسيم وجود حدود بين المناطق والجهات مع استفادة جهات دون أخرى، ما أدى إلى حكم قار ودائم وغياب إدارة مشتركة بين الجهات.
  • خضعت فرنسا منذ ق 17م لحكم ملكي مطلق يتمتع فيه الملك بسلطات واسعة مستمدة من الحق الإلهي، وهذا النمط من الحكم كان يتعارض مع أفكار فلاسفة عصر الأنوار التي تدعو إلى فصل السلط، ومشاركة الشعب في تسيير شؤون الحكم.

4 – فشل لويس 16 في حل الأزمة المالية:

عين الملك لويس 16 مراقبين عامين لتسيير الشؤون المالية والحد من الأزمة التي تعرفها البلاد، مثل تورغو الذي قدم للملك برنامجا إصلاحيا ارتكز على ثلاث نقط أساسية، وهي: “لا إفلاس، لا زيادة في الضرائب، ولا اقتراض”، فرفضت الهيئتان الأولى والثانية هذه الإصلاحات، وامتنع النبلاء والإكليروس عن أداء لضرائب مما افشل إصلاحات تورغو.

II – مرت الثورة الفرنسية بثلاث مراحل أساسية:

1 – تميزت المرحلة الأولى بإقامة ملكية دستورية (1789 – 1798)::

وقع الخلاف حول إصلاحات لويس 16 المالية، حيث عارضتها الهيئتان الأولى والثانية، فأسست الهيأة الثالثة “الجمعية الوطنية” فاندلعت الثورة انطلاقا من باريس يوم 4 غشت 1789م، حيث استولت البورجوازية على الحكم وأقرت الجمعية الوطنية عن “حقوق الإنسان والمواطن” يوم 26 غشت من نفس السنة، كما تمت المصادقة على دستور جديد للبلاد سنة 1791م، تحولت بموجبه فرنسا من ملكية مطلقة إلى ملكية دستورية.

2 – ظهر النظام الجمهوري خلال المرحلة الثانية (1792 – 1794):

سيطر التيار المتطرف (اليعاقبة) على الحكم، وتم الإعلان عن قيام النظام الجمهوري يوم 10 غشت 1792م، كما تم إعدام الملك لويس 16 مما أثار ردود فعل داخلية وخارجية، فتأسست حكومة ثورية بزعامة ماكسميليان روبسبير التي قامت بتصفية المعارضين لحكمها، مثل: الجيرونديين والملكيين وسادت فرنسا حالة من الرعب، فقامت البورجوازية المشكلة للمؤتمر الوطني باغتيال ماكسميليان روبسبير والسيطرة على الحكم من جديد يوم 24 غشت 1794م.

3 – عادت البورجوازية المعتدلة للسلطة ما بين (1794 و1799م):

استطاعت البورجوازية المعتدلة الوصول للحكم،  وحافظت على النظام الجمهوري كما وضعت دستورا جديدا للبلاد، وأسست حكومة جديدة سميت “بحكومة الإدارة” لكنها شهدت صراعا بين مكوناتها، فعجزت حكومة الإدارة عن مواجهة المشاكل الداخلية والخارجية، فاستنجدت بالجيش في شخص  الجنرال نابليون بونابارت الذي سرعان ما قام بانقلاب ضدها في نونبر 1799م، فطبق نظاما إمبراطوريا بفرنسا، وبذلك انتهت الثورة التي دامت 10 سنوات

III – خلفت الثورة الفرنسية نتائج متعددة:

1 – النتائج السياسية:

عملت الثورة على تقويض أسس النظام الإقطاعي القديم، وألغت الامتيازات المرتبطة به، كما أقرت مجموعة من الحقوق السياسية كالحرية والعدالة والمساواة، وقد امتدت أفكار الثورة الفرنسية خارج فرنسا، وانتشرت بين الشعوب المستعبدة، وكان لها إشعاع عالمي حيث أيقظت أمل فئات عديدة في الحرية والتحرر، ووصل تأثيرها حتى القارة الأمريكية.

2 – النتائج الاقتصادية:

تم القضاء على النظام الإقطاعي الفيودالي، وتم إقرار نظام رأسمالي ليبرالي يرتكز على الحرية والملكية الخاصة  والمبادرة الفردية، وهكذا ألغيت الضرائب الفيودالية وعوضت بضرائب جديدة تقاس على أساس الثروة والمدخول، وتفرض على جميع فئات المجتمع، كما سنت مكاييل ومقاييس موحدة.

3 – النتائج الاجتماعية:

انقسم المجتمع الفرنسي إلى طبقتين متناقضتين، هما: الطبقة البورجوازية التي استفادت من الثورة وقوانينها، والطبقة الفقيرة التي لم تستفد شيئا بل اسسْتُغِلتْ من طرف البورجوازية وتدهورت وضعيتها الاقتصادية والاجتماعية، وقد تم اعتماد العلمانية في الحياة العامة، فكان لها انعكاس على الحياة العامة خصوصا في مجال العلاقات الاجتماعية، كالزواج والطلاق …

خاتمة:

ساهم اندلاع الثورة الفرنسية في تغيرات هامة مست فرنسا وعدة  دول أوربية، كما أن هذه الفترة شهدت انطلاق الثورة الصناعية انطلاقا من إنجلترا.

 

رابط التحميل من موقع البستان

هل لديك تعليق؟

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *