أمام فشل سياسة الاحتراز، بدأ التغلغل الاستعماري في المغرب منذ سنة 1830م.
اتخذت الدول الأوربية محاربة القرصنة البحرية كذريعة لقصف الموانئ المغربية، ففي سنة 1844م جرت معركة إسلي التي انهزم فيها الجيش المغربي أمام الجيش الفرنسي، والتي ارتبطت برغبة فرنسا في توسيع نفوذها على حساب المغرب، ومساعدة هذا الأخير للمقاومة المسلحة الجزائرية بقيادة الأمير عبد القادر، أما اسبانيا فقد احتلت الجزر الجعفرية وحاولت توسيع نفوذها في ناحية “سبتة المحتلة” فقامت حرب تطوان سنة 1859م التي انهزم فيها الجيش المغربي أمام الجيش الاسبانيـ وقد عملت فرنسا واسبانيا وانجلترا على التغلغل في بعض أجزاء الصحراء المغربية في ق 19م، واهتمت اسبانيا بتوسيع مجالها المحتل بناحية مليلية، وقد كشفت هذه الهزائم العسكرية عن ضعف المغرب، وبالتالي تزايد الأطماع الاستعمارية لاحتلال مناطق أخرى من التراب الوطني.
بعد انهزامه في معركة إسلي، أرغم المغرب سنة 1845م على توقيع معاهدة “لالة مغنية” التي تركت الحدود غامضة بين الجزائر والمغرب جنوب مركز “ثنية الساسي” (ناحية فكيك) بهدف استيلاء فرنسا على المزيد من الأراضي المغربية، كا وقع المغرب مع بعض الدول الأوربية (كفرنسا واسبانيا وبريطانيا) اتفاقيات ومعاهدات تخول للسفراء والقناصل الأوربية بسط حمايتهم على الوسطاء المغاربة الذين شكلوا طائفة المحميين التي تمتعت بامتيازات، منها:
وقد كرس مؤتمر مدريد لسنة 1880م الحماية القنصلية، كما منح المحميين والأجانب المزيد من الامتيازات، كما أدت الضغوط الدبلوماسية إلى تزايد عدد المحميين والمس بسيادة المغرب، وانخفاض مدا خيل الدولة من الضرائب.
أقنع المندوب الانجليزي “دريموندهاي” المغرب بضرورة التخلي عن سياسة الاحتراز، وبالتالي تم التوقيع سنة 1856م على الاتفاقية التجارية المغربية الانجليزية التي منحت الانجليز عدة امتيازات، من بينها:
كما عقد المغرب اتفاقيات أخرى مع باقي الدول الأوربية (كإسبانيا وفرنسا) بموجبها حصلت هذه الدول على نفس الامتيازات، وأجبر المغرب بعد هزيمته في حرب تطوان على توقيع اتفاقية سنة 1860م تضمنت أداء المغرب لغرامة مالية باهظة واقتسام مداخليه من الرسوم الجمركية مع اسبانيا، كما أدت هذه الضغوط الاقتصادية والمالية إلى تراجع مداخيل الدولة المغربية وفراغ الخزينة وتراكم الديون وتغلغل رأس المال الأوربي وإفلاس التجار والحرفيين المغاربة.
نظم الأوربيون بعض الرحلات الاستكشافية نحو المغرب، كما أرسلت الدول الأوربية بعض الجواسيس مستهدفة من ذلك الإطلاع على الثروات الطبيعية والبشرية والاقتصادية للمغرب، وذلك من أجل الإعداد لعمليات الغزو العسكري، كما أنشأ الأوربيون في بعض المدن المغربية مراكز البعثات التبشيرية التي استهدفت نشر المسيحية كوسيلة لتهيئ المغاربة لتقبل الاستعمار.
تعددت الضغوط الاستعمارية على المغرب مما فرض على هذا الأخير القيام ببعض الإصلاحات.
عرض التعليقات
جازكم الله خيرا إستفادة كبيرة تلقيتها عبر هذا الموقع