من نتائج الاكتشافات الجغرافية انتقال مركز التجارة العالمية من البحر المتوسط إلى المحيط الأطلنتي، مما أثر على الوضعية الاقتصادية في العالم الإسلامي.
في العصر الوسيط كان العالم الإسلامي يقوم بدور الوساطة التجارية بين الشرق الأقصى وإفريقيا السوداء من جهة والقارة الأوربية من جهة أخرى، حيث كان يتحكم في الطرق التجارية البرية والبحرية محتكرا البضائع التي كانت تروج في التجارة العالمية، مثل: التوابل والمعادن الثمينة والعاج والعطور والمنسوجات والخشب والحديد، بالإضافة إلى العبيد، ومتوفرا على مراكز تجارية كبيرة، منها: بغداد ودمشق والقاهرة وفاس. ومع بداية الحقبة الحديثة تمت الاكتشافات الجغرافية التي مكنت الأوربيين (خاصة الإيبيريين) من إقامة المستعمرات في القارة الأمريكية وسواحل إفريقيا وآسيا، وتنشيط التجارة معها، وبالتالي انتقل ثقل التجارة العالمية من المجال المتوسطي إلى المجال الأطلنتي، فأصبح الأوربيون يقومون بدور الوساطة التجارية بدل المسلمين.
شهد المغرب في ق 16م مجموعة من الحروب تعددت أطرافها: الوطاسيون، السعديون، الحركات المعارضة،البرتغال، السكان المغاربة، كما عرف المغرب في نفس القرن كوارث طبيعية (الجفاف والمجاعات والأوبئة والفيضانات وانتشار الجراد وحدوث الزلازل)، ومن نتائج هذه الحروب والكوارث الطبيعية: حدوث نزيف ديمغرافي وهجرات سكانية وانتشار أعمال النهب وانعدام الأمن وغلاء الأسعار وتراجع الاستهلاك وركود الإنتاج الفلاحي والمبادلات التجارية وتقلص مداخيل المخزن الجبائية واضطراب سلطته.
بدأ اختلال التوازن بالظهور في منطقة المحيط الهندي خلال القرن 16م لصالح البرتغال على حساب الإمبراطورية الصفوية والإمبراطورية العثمانية، لكن بعض الايالات العثمانية كاليمن تمكنت من الحفاظ على انتعاش النشاط التجاري بها.
قاد أحمد المنصور الذهبي حملة على السودان الغربي سنة 1591م فقضى على إمبراطورية صنغاي، وكان الهدف من هذه الحملة التحكم أولا في ممالح تيغازة وادجيل بغية التحكم في المبادلات مع السودان الغربي، ومن نتائج الحملة: ازدياد ثروات ومداخيل الدولة السعدية كما اعتمد المنصور عليها لتطوير وتجهيز جيشه، وقد استغل السعديون انتصارهم في معركة واد المخازن سنة 1578م لإظهار هيبة البلاد، كما استعمل المنصور سياسة التوازن واستغلال الصراع بين الأتراك والإيبريين لصالحه، لكن هذه الاجراءات لم تكن كافية لوقف تحرشات الإيبريين بالمغرب، وقد تعمقت الأزمة السياسية والاقتصادية خاصة بعد وفاة المنصور الذهبي.
خلال بداية العصر الحديث تراجع الاقتصاد في العالم الإسلامي، وذلك لفقدانه السيطرة على الطرق التجارية الكبرى خاصة البحرية، وغزو السلع الأجنبية للأسواق أدى إلى التحول نحو اقتصاد اقطاعي، فأصبح الاقتصاد في البلدان الإسلامية يعتمد على الفلاحة التقليدية التي تهيمن عليها الطبقة الإقطاعية.
أصبحت المدن الأوربية مراكز تجارية ومالية، حيث تزايد الرواج التجاري ونما دور الأبناك في الأداء وتقديم القروض، كما استثمر التجار أموالهم في بعض الصناعات، فظهرت المانيفاكتورات، وقد شكل التجار والمرابون بورجوازية تجارية قوية.
تميزت مرحلة القرنين 15 و16م بتحولات كبرى تباين مسارها ونتائجها ما بين العالم الاسلامي وأوربا.
عرض التعليقات
ارجو الله ان ينجح كل مسلم في دراسته و شكرا
شكرا جزيلا على مجهوداتكم لإفادتنا دمتم بخير
شكرا لكم على هذا الدرس و أتمنى أن تكونون أفضل بكثير بالتوفيق
شكرا جزيلا
هذه الصفحة جيدة ومتميزة
This is good
هذه الصفحة جيدة أرجو أن تستمر على نفس المنوال
شكرا
Sahaaa
good verry good