مقدمة:
عرفت أوربا خلال القرن 19م وبداية القرن 20م نتيجة للتطورات الاقتصادية والمالية بروز عدة تطورات ديمغرافية وحضرية واجتماعية وفكرية.
- فما هي أسباب هذه التحولات الاجتماعية؟
- وكيف كان موقف الفئات الاجتماعية الجديدة من هذه التحولات؟
- وما هي أهم التيارات الفكرية التي رافقت هذه التحولات؟
І – عرفت أوربا خلال القرن 19م وبداية القرن 20م تطورا ديموغرافيا:
1 – مظاهر التطور الديموغرافي بأوربا في القرن 19م ومطلع القرن 20م:
تضاعف عدد سكان أوربا بين 1800م و1900م، إذ انتقل العدد من 200 مليون نسمة إلى 410 مليون نسمة، وقد تميز النمو الديمغرافي بأوربا بمروره بثلاث مراحل:
- المرحلة الأولى (1700 / 1790م): كان النمو الديموغرافي بأوربا عبارة عن نظام تقليدي، أهم ما ميزه ارتفاع في معدلي الولادات والوفيات.
- المرحلة الثانبة (1800 / 1880م): خلال هذه المرحلة عرفت أوربا تزايدا كبيرا في نسبة النمو الطبيعي، نتيجة ارتفاع نسبة الولادات، انخفاض نسبة الوفيات.
- المرحلة الثالثة (1880 / 1910م): مقارنة مع المرحلة الثانية عرفت هذه المرحلة انخفاضا في معدلي الولادات والوفيات.
وقد عرفت بعض الدول الأوربية ثورة ديموغرافية حقيقية، تمثلت في التزايد الكبير في ساكنتها، مثل: انجلترا: تضاعف عدد سكانها ثلاث مرات ما بين 1730م و1850م.
2 – ساهمت عدة عوامل في تطور النمو الديموغرافي بأوربا في القرن 19م وبداية القرن 20م:
- التطورات الطبية: استعمال أداة الفحص الطبي، واكتشاف المورفين، واكتشاف الكينين، واكتشاف التعقيم، واكتشاف جرثومة كوخ، وظهور التلقيح، وقد كان لهذا التطور الطبي انعكاس كبير على المستوى الصحي للمجتمعات الأوربية، وبالتالي اختفاء مجموعة من الأمراض والأوبئة التي كانت فتاكة، مما أدى إلى انخفاض معدل الوفيات.
- تحسن مستوى المعيشة: تحسن النظام الغذائي.
- ارتفاع نسبة الخصوبة: الزواج المبكر.
- تطور وسائل المواصلات: فك العزلة عن المناطق البعيدة.
وقد ترتب عن ذلك: انخفاض نسبة الوفيات وارتفاع نسبة الخصوبة الكلية وارتفاع نسبة الولادات وتزايد نسبة التكاثر الطبيعي.
II – التطور الحضري بأوربا خلال القرن 19م وبداية القرن 20م والعوامل المفسرة له:
1 – التطور الحضري بأوربا خلال القرن 19م:
ظهرت بأوربا حواضر كبرى نتيجة الثورة الصناعية، والتي أصبحت مركز استقطاب، ونتيجة لهذه الوضعية ظهرت:
- مناطق مزدهرة: تسكنها البورجوازية المعتمدة على الربح.
- مناطق متدهورة / فقيرة: تسكنها الطبقات البئيسة (البروليتاريا)، تعمها الفوضى وعدم توفر المرافق الصحية (الصرف الصحي، الإضاءة ..)، وانتشار الأمراض والأوبئة.
2 – ساهمت عدة عوامل في التطور الحضري الذي عرفته أوربا:
عرفت أوربا خلال القرن 19م ومستهل القرن 20م تحولا في بنية السكان الحضريين والريفيين بالمدن الأوربية، ففي كل من فرنسا وبريطانيا تزايد عدد السكان الحضريين مقابل تراجع نسبة السكان الريفيين، مما ساهم في تطور المدن وتعدد وظائفها، والتي ارتبطت بكيفية مباشرة بالتصنيع، كما أصبحت ظاهرة التمدين تشكل أساس نمو النظام الرأسمالي، وأصبحت المدن مراكز لتوزيع الثروات والخدمات والرساميل، كما أصبح للمدن وظائف صناعية وبنكية وتجارية، ويرجع تطور المدن بأوربا بشكل كبير إلى الهجرة بحثا عن العمل.
III – أفرزت التطورات الرأسمالية تباينات اجتماعية:
1 – أوضاع الفلاحين والعمال بعد الثورة الصناعية:
- وضعية الفلاحين: كان الفلاح الأوربي يعيش في ظروف قاسية بئيسة، بسبب أداء الضرائب المباشرة والغير مباشر (الحدود الجمركية)، مما نتج عنه سوء التغذية، والحرمان من أبسط شروط الحياة.
- وضعية العمال: كانت الطبقة العاملة الأوروبية تعاني من قساوة الظروف الاجتماعية، منها: طول مدة العمل اليومي، وضعف الأجور والسكن غير اللائق، ونقص وسوء التغذية، وانتشار الأوبئة، بالإضافة إلى كثرة تشغيل الأطفال والنساء بأجور زهيدة.
2 – الوضعية الاجتماعية للمرأة والأطفال:
أستغلت هاتين الفئتين (المرأة، الطفل) لخدمة مصالحها:
- بالنسبة للمرأة: كانت تقوم بأشغال شاقة (الاشتغال بالمناجم، ارتفاع ساعات العمل (12 ساعة يوميا بدون عطلة أسبوعية)، سوء التغذية أثناء العمل …).
- بالنسبة للأطفال: كانوا يشتغلون في سن مبكرة في ظروف قاسية أيضا، وقد اشتغل الأطفال في قطاعات متعددة (المناجم، معامل النسيج …).
وقد كان لتشغيل النساء والأطفال بأوربا خلال القرن 19م عواقب وخيمة على أجور العمال (انخفاض شديد لمستوى الأجور، وارتفاع كبير في نسبة البطالة).
3 – كانت البورجوازية المحرك الأساسي لنمو الرأسمالية الأوربية خلال القرن 19م:
ساهمت التحولات الاقتصادية في إحداث تغيير كبير في البنيات الاجتماعية، منها: اختفاء طبقات النبلاء، وصعود وتقوية البورجوازية التي أصبحت تشكل خلال القرن 19م الطبقة المهيمنة، مما ساهم في تطور ظاهرة التملك الذي دعَّم بشكل كبير نمو النظام الرأسمالي (الصناعي والتجاري والمالي)، وكذا انتشار قيم جديدة لدى الطبقة البرجوازية (النظام، العمل، الادخار، انتشار مظاهر الترف والبذخ، الاهتمام بالمظاهر الخارجية …).
IV – مبادئ الفكر الاشتراكي والحركة العمالية:
1 – ظهر الفكر الاشتراكي بأوربا خلال القرن 19م:
إذا كان النهج الاقتصادي الليبرالي قد مثل مصالح البورجوازية، فإن الفكر الاشتراكي دافع عن مصالح الطبقة الفقيرة، وقد صنفت الاشتراكية إلى نوعين رئيسيين، هما:
- الاشتراكية الطوباوية: من مبادئها: انتقاد الملكية الخاصة، والمناداة بسيطرة الدولة على وسائل الإنتاج، وإنشاء التعاونيات، ومن ابرز أقطابها الفرنسيان: سان سيمون وشارل فوريي، والانجليزي روبيرأوين، وتولدت الفوضوية عن هذا الاتجاه.
- الاشتراكية العلمية: من أهم مبادئها: اعتبار الصراع الطبقي أساس التطور التاريخي، ودعوة العمال (البرولتياريا) إلى استعمال العنف الثوري (الإضرابات، المظاهرات، الثورات …) للقضاء على الرأسمالية ولإقامة النظام الاشتراكي، ومن أبرز زعماء هذا الإتجاه المفكر الألماني كارل ماركس.
2 – ظهور الحركة العمالية ونشوء النقابات خلال القرن 19م:
ظهرت الحركات العمالية كرد فعل على معاناة العمال وظروف عملهم القاسية، ومنذ منتصف القرن 19م تشكلت في بعض الدول الأوربية عدة جمعيات للدفاع عن حقوق البروليتاريا، وخلال النصف الثاني من نفس القرن 19م تطور الوعي العمالي نحو تشكيل نقابات تطالب بتحسين ظروف العمل مستخدمة أساليب متنوعة كالتفاوض والمسيرات والإضرابات والتحالف مع الأحزاب الاشتراكية، وقد نجح العمال الأوربيون في الحصول على عدة مكتسبات،من أهمها: تقليص ساعات العمل اليومية والزيادة في الأجور والاستفادة من عطلة نهاية الأسبوع وعطلة سنوية، وإحداث تعويضات عن المرض وحوادث الشغل والتقاعد وحق الإضراب، ومنع تشغيل الأطفال وتحديد ظروف تشغيل النساء …
خاتمة:
كانت للتحولات الاجتماعية والفكرية التي عرفتها أوربا خلال القرن 19م انعكاسا مباشرا للتطورات الاقتصادية والمالية، والتي واكبها بروز قوى رأسمالية خارج أوربا هي الولايات المتحدة الأمريكية واليابان.
عرض التعليقات
شكرا جزاكم الله خيرا❤🤲
شكرا على المعلومات المفيدة
درس غير كامل وشكرا عصبتوني 😤🙂
هدشي ناضي
شكرا
Thank you for this so much ❤
thanks for this