II – الاجتهاد: مجالاته وضوابطه وشروط المجتهد:
1 – مجالات الاجتهاد:
إن مجال الاجتهاد يتسع ليشمل جميع نواحي الحياة المعاصرة دون استثناء، غير أنه يمكننا وضع الاجتهاد المعرفي على رأس الأولويات حاليا؛ نظرا لاشتداد الحاجة إليه أكثر خاصة مع تغير أنماط العيش وظهور اكتشافات علمية ومعرفية لم يكن لها مثيل في تاريخ البشرية على امتداد الحقب السابقة كلها، لذا أصبح لزاما على المسلمين بذل ما في وسعهم وطاقتهم للحاق بركب هذه الثورة العلمية الباذخة، ولن يتأت ذلك إلا بتعليم جيد ومناهج أجود تذكي في نفوس الطلاب شغف الاجتهاد والإبداع مع توفير مراكز حاضنة لأهل النباهة والنباغة.
2 – ضوابط الاجتهاد:
وضع العلماء جملة من الضوابط لممارسة عملية الاجتهاد، منها:
- القراءة باسم الله عز وجل، وذلك من خلال الجمع بين النظر والتأمل في الكتاب المسطور والكتاب المنظور.
- ألا يصطدم الاجتهاد بأصل من أصول الشريعة، أو قاعدة من قواعدها المجمع عليها.
- اعتبار البحث العلمي عبادة يتقرب بها إلى الله عز وجل.
- استحضار وحدانية الخالق الذي أنزل القرآن وخلق الأكوان، إذ ينبغي توجيه الأبحاث في الاتجاه الذي يؤكد وحدانية الله تعالى، ويبرز حكمته.
3 – شروط المجتهد:
ليحقق المجتهد المجدد أهداف اجتهاده وتجديده، لابد من توفر الشروط التالية:
- فقه الشرع: ويشمل العلم بالوحي وعلومه، والتمكن من اللغة وعلومها، العلم بالقرآن الكريم والسنة النبوية وعلومهما، ومعرفة المسائل التي أجمع عليها العلماء، وضبط علم أصول الفقه ومقاصد الشريعة الإسلامية …
- فقه الواقع: ويقصد به استيعاب واقع الناس الاجتماعي، والثقافي، والسياسي …، استيعابا دقيقا ومفصلا داخل العالم الإسلامي وخارجه، وذلك ليكون على علم بما جد من قضايا وفق مقاصد الشريعة السمحة، ومن الصعب إلمام مجتهد مجدد واحد يجمع ما سبق من معارف وعلوم، لذا فالأمر يتطلب اجتهادا جماعيا.
- فقه التنزيل: أي تنزيل الحكم المناسب على الواقعة المناسبة بما يحقق مقصد الشريعة منه، إذ هو آفة المسلمين اليوم، حينما لا يحسنون هذا الفقه وينزلون أحكاما في غير سياقها، ولا مراعاة لمقاصدها ومآلاتها.