الأوضاع العامة في العالم الإسلامي
تقديم إشكالي:
عرف العالم الإسلامي بمنطقة حوض البحر الأبيض المتوسط خلال القرنين 17 و18م عدة تغيرات سياسية واقتصادية واجتماعية، جاءت نتيجة للتحولات التي قادتها أوربا خلال ق 16م، فقد انهارت بالمغرب الدولة السعدية لتحل محلها الدولة العلوية بخصوصيات جديدة، أما الإمبراطورية العثمانية فقد تلاشت سيطرتها وظهرت بها عدة حركات انفصالية بالمشرق وشمال إفريقيا.
- فما هي التحولات التي عرفها المغرب خلال هذه الفترة؟
- وكيف أصبحت حالة الإمبراطورية العثمانية؟
I – وضعية المغرب بعد وفاة أحمد المنصور السعدي إلى غاية النصف الثاني من ق 18م:
1 – تدهور أوضاع المغرب بعد وفاة أحمد المنصور السعدي:
- الحالة السياسية: بعد وفاة السلطان أحمد المنصور، تمزقت وحدة البلاد نتيجة صراع أبنائه على الحكم، لكونه لم يحدد وليا للعهد، فازداد الظلم والمعاناة لدى الشعب المغربي، كما تزايد نفوذ الزوايا بالمغرب، حيث تحولت من دورها الديني والاجتماعي إلى لعب دور سياسي كالزاوية الدلائية التي وسعت نفوذها ليشمل بالإضافة إلى منطقة تادلة، السايس، وملوية.
- الحالة الاجتماعية: تعاقبت على المغرب فترات من المجاعة وانتشرت الأوبئة وارتفعت الأسعار، مما أدى إلى ارتفاع كبير في عدد الوفيات، وزاد من تأزم وضعية البلاد الكوارث الطبيعية كالزلازل التي ضربت عدة مناطق.
2 – قامت الدولة العلوية على عدة أسس:
- دور النسب الشريف: لعب النسب الشريف للعلويين باعتبارهم ينحدرون من أل البيت، دورا هاما في إلتفاف المغاربة حولهم لتخليصهم من الوضع المتدهور وتوحيد البلاد.
- أهمية منطقة سجلماسة: اعتمد العلويون في تأسيس دولتهم أيضا على موقع منطقتهم سجلماسة بتافيلالت التي كانت تتميز بموقعها الاستراتيجي وأهميتها التجارية باعتبارها ملتقى لطرق التجارة الصحراوية.
3 – اتخذ السلاطين العلويون عدة تدابير لبناء دولتهم:
- دور المولى محمد بن الشريف: عمل المولى محمد على تقوية نفوذ الدولة العلوية الذي كانت بيعته بسجلماسة من طرف أهل الحل والعقد، حيث استولى على درعة وقويت عظمته، وداع صيته عند أهل فاس وعرب المغرب الذين طالبوه للمجيء إلى أرضهم ووعدهم له بالنصرة له.
- دور المولى الرشيد في توحيد المغرب: حيث دخل في صراع مع أخيه المولى محمد الذي بقي معتمدا على درعة إلى أن أثار أخوه الرشيد بعذب أنجاد، فوقع بينهما صراع شديد مما أدى إلى فرار الرشيد من تافيلالت خوفا من بطش المولى محمد، وقد قام المولى رشيد باستكمال توحيد المغرب عبر مراحل بعد قتله لأخيه المولى محمد، فبعد استيلائه على منطقة الريف ونواحي مكناس سنة 1665م، ثم سلا وتطوان 1667م، والقضاء على الدلائيين ودخول مراكش سنة 1668م انتهى بالسيطرة على سوس وتوحيد البلاد سنة 1670م.
4 – وضعية المغرب في عهد المولى إسماعيل إلى حدود أزمة 30 سنة:
- دور المولى إسماعيل: عمل المولى إسماعيل على تقوية سلطة الدولة العلوية بتأسيس جيش قوي محكم التنظيم (عبيد البواخر)، من أجل تقوية مركزية الدولة ومواجهة الأتراك والتهديدات الأوربية، كما وسع المولى إسماعيل نفوذ الدولة العلوية، حيث بلغت شرقا حتى نواحي تلمسان وجنوبا ما وراء نهر النيل وذلك بعد أن تمكن من هزم معارضيه والقضاء على الثورات والتمردات الداخلية.
- أزمة الثلاثين سنة: بعد وفاة المولى إسماعيل سنة 1727م دخل المغرب في أزمة كبيرة دامت 30 سنة بسبب الصراع حول الحكم بين أبنائه، وتدخل جيش عبيد البواخر في الشأن السياسي، كما توالت على البلاد سلسلة من الكوارث الطبيعية إلى أن تمكن السلطان سيدي محمد بن عبد الله من إنهاء الأزمة وإعادة الاستقرار.
ІІ ـ الحالة العامة للدولة العثمانية خلال القرنين 17 و18م:
1 – العوامل التي ساهمت في انهيار الدولة العثمانية:
- العامل السياسي: تمرد جيش الانكشارية الذي أصبح يتدخل في الشؤون السياسية عبر تنظيم الانتفاضات، والتدخل لعزل السلاطين والوزراء أو اغتيالهم، كما أن السلاطين انصرفوا عن تدبير شؤون البلاد وانغمسوا في حياة الترف، كل ذلك أدى إلى تدهور النظام الإداري والسياسي والعسكري في الدولة العثمانية.
- العامل الاقتصادي: تراجعت التجارة العثمانية بسبب سيطرة الأوربيين على تجارة الشرق الأقصى، مما أدى إلى تقلص موارد الدولة وتضرر الصناعة الحرفية، ومما زاد من حدة الأزمة توقف مداخيل الفتوحات.
2 – نتائج تدهور الدولة العثمانية:
فقدت الإمبراطورية العثمانية ما بين القرنين 17 و18م عدة مناطق من ترابها، فبعد انهزامها في معركة ليبانتو سنة 1571م أمام البندقية وحلفائها، فرضت عليها مجموعة من المعاهدات أهمها معاهدة كوجك فينارجة، التي تم بموجبها اقتطاع أجزاء هامة من ترابها لصالح الدول الأوربية خاصة روسيا والنمسا، كما أن إيران حصلت على منطقة أدربيجان سنة 1639م، وبالمشرق العربي، ظهرت حركات انفصالية تنادي باستقلال البلدان العربية عن الإمبراطورية العثمانية، ومن أهمها: حركة فخر الدين المعني وأسرته بالشام الذي تمكن من فرض سلطته على لبنان ما بين 1583 و1635م، وحركة الشيخ ظاهر العمر بفلسطين في أواخر ق 18م، ثم حركة علي بك الكبير بمصر حوالي سنة 1770م.
III – الأوضاع العامة في الولايات العثمانية بشمال إفريقيا خلال القرنين 17 و18م:
1 – الوضع السياسي بالجزائر خلال القرنين 17 و18م:
استقلت الإيالة الجزائرية عن سلطة الباب العالي، حيث قام الدايات الجزائريون بعقد معاهدات وعقد اتفاقيات مع أوربا والدول المجاورة، كما رفضوا الاعتراف بكل المعاهدات التي يوقعها السلطان العثماني مع الخارج، وقد مر الحكم العثماني للجزائر بأربع مراحل، هي: عصر البايلربايات خلال النصف الأول من ق 16م، ثم مرحلة الباشوات ابتداء من سنة 1587م، تلاها عصر الأغوات خلال النصف الثاني من ق 17م، ثم عصر الدايات ابتداء من سنة 1672م.
2 – الوضع السياسي بتونس خلال القرنيين 17 و18م:
بعد ضعف السلطة العثمانية بتونس تعاقب على حكم البلاد أسرتان، هما:
- الأسرة المرادية: أصبحت للباي بتونس أواخر ق 17م مكانة متميزة، إذ أصبح يظهر للسكان بأنه بمثابة ملك لما كان يتوفر عليه من إمكانيات اقتصادية وعسكرية.
- الأسرة الحسينية: حكم الحسين بن علي تونس ومكنته خبرته الطويلة والمسؤوليات العديدة التي تقلدها وانتماؤه للعنصر الكرغلي من كسب ثقة كل فئات المجتمع التونسي، وقد استمر الحكم داخل الأسرة الحسينية حتى عهد الباي حمودة، واستطاع البايات الحصول على اعتراف البابا بسلطتهم وعلى لقب الباشا، إلا أن محولاتهم إضعاف سلطة الجيش كانت سببا في طردهم من السلطة سنة 1673م.
3 – الوضع السياسي بطرابلس الغرب خلال ق 17 و18م:
سيطر جيش الإنكشارية على حكم ليبيا، وقام قادته بتعيين واليا من بينهم وهو سليمان داي، إلا أن الصراع تجدد حول السلطة، فعمل السكان على مبايعة أحمد القرمانلي لينتقل بذلك الحكم للأسرة القرمانلية التي استمرت من سنة 1711م حتى عهد الملك يوسف (1795 – 1830).
خاتمة:
تدهورت الأوضاع العامة بالعالم الإسلامي ابتداء من ق 17م وذلك بسبب الأزمات الداخلية والضغوطات الخارجية، مما سهل سقوطه تحت سيطرة الاستعمار.
شكرااا جزيلااا
شكرا على الدروس القيمة نتطلع للمزيد وشكرا
درس غير مفصل