أساليب التواصل من خلال سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم
مدخل تمهيدي:
إن سيرة رسول الله ﷺ كلها مواقف تشهد على حسن تواصله مع الناس كافة، سواء أكانوا من أهله أم من أصحابه أم من خصومه وأعدائه، ويجدر بنا نحن المسلمين التعرف على أساليب تواصله لنوظفها في تواصلنا اليوم مع الناس.
- فما أساليب التواصل التي استخدمها رسولنا الكريم ﷺ مع الغير؟
النصوص المؤطرة للدرس:
قَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى:
﴿فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللَّهِ لِنتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لاَنفَضُّواْ مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ﴾.
[سورة آل عمران، الآية: 159]
قَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى:
﴿ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ﴾.
[سورة النحل، الآية: 125]
I – دراسة النصوص وقراءتها:
1 – توثيق النصوص:
أ – التعريف بسورة آل عمران:
سورة آل عمران: مدنية، عدد آياتها 200 آية، وهي السورة الثالثة من حيث الترتيب في المصحف الشريف، نزلت بعد سورة “الأنفال”، بدأت السورة بحروف مقطعة “الم”، سميت بهذا الاسم لورود ذكر قصة تلك الأسرة الفاضلة “آل عمران” والد مريم أم عيسى عليهما السلام، وما تجلى فيها من مظاهر القدرة الإلهية بولادة مريم عيسى عليهما السلام، سورة آل عمران من السور المدنية الطويلة، وقد اشتملت على ركنين هامين من أركان الدين، هما: ركن العقيدة وإقامة الأدلة والبراهين على وحدانية الله جل وعلا، وركن التشريع وبخاصة فيما يتعلق بالمغازي والجهاد في سبيل الله.
ب – التعريف بسورة النحل:
سورة النحل: مكية ماعدا من الآية 126 إلى الآية 128 فهي مدنية، عدد آياتها 128 آية، ترتيبها السادسة عشر في المصحف الشريف، نزلت بعد سورة الكهف، بدأت السورة بفعل ماضي ” أتى “، سميت بهذا الاسم لاشتمالها على تلك العبرة البليغة التي تشير إلى عجيب صنع الخالق، وتدل على الألوهية بهذا الصنع العجيب، السورة تعالج موضوعات العقيدة الكبرى، كالألوهية والوحي والبعث والنشور …، إلى جانب ذلك تتحدث عن دلائل القدرة والوحدانية.
II – فهم النصوص:
1 – مدلولات الألفاظ والعبارات:
- فبما رحمة: أي فبرحمة عظيمة.
- لنت لهم: سهلت لهم أخلاقك ولم تعنفهم.
- فظا: جافيا في المعاشرة قولا ومعاملة.
- غليظ القلب: قاسي القلب.
- لانفضوا من حولك: لتفرقوا عنك، ونفروا منك.
- سبيل ربك: طريق ربك.
- بالحكمة: بالقرآن، والحكمة هي العلم النافع والقول السديد والرأي الصائب والعمل المفيد.
- الموعظة الحسنة: القول الرقيق اللين.
- جادلهم: حاورهم.
2 – المعاني الأساسية للنصوص:
- العفو والتشاور والرحمة من صفات الرسول ﷺ.
- الحكمة والموعظة الحسنة والمجادلة بالتي هي أحسن من أساليب تواصل الرسول ﷺ مع الناس.
تحليل محاور الدرس ومناقشتها:
I – الغاية من بعثة الرسول ﷺ، ولماذا يعتبر عليه والسلام القدوة في التواصل:
1 – تعريف التواصل:
التواصل: هو التفاعل الإيجابي الناتج عن استعمال حواس التواصل، والنابع عن رغبة صادقة في التواصل مع الآخر للوصول إلى المعرفة الحقة.
2 – الغاية من بعثة الرسول ﷺ:
- التبليغ: وهو الإخبار أو الإعلام برسالة الدين الحنيف.
- التواصل: بالإقناع والبرهان للكشف عن الحقيقة، دون إكراه بكل ما يمكن أن يحقق التواصل نطقا أو كتابة، وبذلك تنتقل الرسالة إلى الناس فتؤدي إلى حدوث نوع من التفاهم.
3 – لماذا يعتبر عليه السلام قدوة في التواصل؟:
لأنه يجسد تعاليم الإسلام في سلوكه ومعاملاته وأخلاقه، ويستخدم عليه الصلاة والسلام ما وهبه له الله تعالى من جوامع الكلم، وأساليب التشويق والإثارة والإيضاح، فكان عليه الصلاة والسلام الموجه المباشر تارة والقدوة العملية الحية تارة أخرى.
II – أساليب النبي ﷺ في التواصل والدعوة إلى الله:
- الدعوة بالحكمة والموعظة الحسنة، قتال تعالى: ﴿ادْعُ إِلَىٰ سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ﴾.
- المجادلة بالتي هي أحسن، قال الله عز وجل: ﴿وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ﴾.
- لين جانب النبي ﷺ، وعفوه عن الجاهلين، واستشارته أصحابه، قال تعالى: ﴿لَوْ كُنْتَ فَظّاً غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ﴾.
- اعتماده أسلوب الترغيب والترهيب، قال تعالى: ﴿إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِداً وَمُبَشِّراً وَنَذِيراً﴾.
- إرساله الرسائل إلى ملوك عصره يبين فيها عالمية الإسلام، قال تعالى: ﴿وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلاَمِ دِينًا فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ﴾.
- الدعوة إلى الله بالقدوة الحسنة والاستقامة، قال تعالى: ﴿لَّقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ﴾.
- تكراره ﷺ الكلام حتى يسمعه جميع الناس ويفهموه، حتى قيل يمكن لسامع النبي ﷺ أن يكتب عنه وهو يتكل
- اعتماده ﷺ على ضرب الأمثال، قال عليه السلام: «إِنَّمَا مَثَلُ الجليس الصالحُ والجليسُ السوءِ كحامِلِ المسك، ونافخِ الكِيْرِ».
- الكلام المختصر المفيد.
- استخدامه ﷺ لأسلوب التشويق ليشد الانتباه.
III – دروس وعبر من أساليب تواصل الرسول ﷺ:
الرسول ﷺ قدوتنا في كل أمور الحياة، فهو المربي، والنموذج المقتدى به في فن التواصل والتعامل مع الناس، ويمكن أن نستخلص من أساليب تواصل الرسول ﷺ مع الناس الدروس والعبر التالية:
- أبتدئ غيري بالسلام كما كان يفعل الرسول ﷺ.
- أدعو الناس بالكلمة الطبية والموعظة الحسنة مستغلا كل وسائل الإعلام.
- أناقش من يخالفني الرأي بالأسلوب الحسن.
- أصبر على من أساء إلي وأرد عليه بخلق حسن.
- أصدق الناس في معاملتي معهم سواء مباشرة أو بوسائل الإعلام المختلفة مقتديا بالرسول ﷺ.
جزاكم الله خيراً ورمضان مبارك سعيد
جزآك آلله خيرا