«هناك سؤال مشروع ومطروح في الساحة الإسلامية: أين يلتمس المسلم المعاصر ذلك السياج الفكري الذي يستطيع بإقامته حماية الحقوق الإنسانية التي تكفل له تحقيق جوهرة إنسانيته، وازدهار طاقاته وملكاته، والنهوض بواقع أمته وحضارته في العصر الحديث؟، أين يلتمس المسلم المعاصر هذا السياج؟
إن الحقوق الإنسانية ضرورات فطرية للإنسان من حيث هو إنسان. وإسلامنا هو دين الفطرة التي فطرنا الله عليها، فمن الطبيعي والبديهي أن يكون الكافل لتحقيق هذه الحقوق …، ومن ثم أن يكون المصدر الطبيعي لمن يريد التماس هذا السياج.
إننا نجد الإسلام قد بالغ في الإيمان بالإنسان من حيث هو إنسان، وفي تقديس حقوقه إلى الحد الذي تجاوز بها مرتبة الحقوق، عندما اعتبرها ضرورات، ومن ثم أدخلها في اطار الوجبات! فالمأكل والملبس والمسكن …، والأمن …، والحرية في الفكر والاعتقاد والتعبير …، والعلم والتعليم …، والمشاركة في صياغة النظام العام للمجتمع …، كل هذه الأمور هي في نظر الإسلام ليست فقط حقوقا للإنسان، من حقه أن يطلبها ويسعى في سبيلها، ويتمسك بالحصول عليها …، وإنما هي ضرورات واجبة لهذا الإنسان، بل إنها واجبات عليه أيضا.
إنها ليست مجرد حقوق من حق الفرد أو الجماعة أن يتنازل عنها أو عن بعضها، وإنما هي ضرورات إنسانية – فردية كانت أو جماعية – ولا سبيل إلى حياة الإنسان بدونها، حياة تستحق معنى الحياة، ومن ثم فإن الحفاظ عليها ليس مجرد حق للإنسان، بل واجب عليه أيضا …، يأثم هو ذاته فردا أو جماعة – إذا هو فرط فيها، وذلك فضلا على الإثم الذي يلحق كل من يحول بين الإنسان وبين تحقيق هذه الضرورات. إنها ضرورات لابد من وجودها، ومن تمتع الإنسان بها وممارساته لها، كي يتحقق له المعنى الحقيقي للحياة. وإذا كان العدوان على الحياة من صاحبها بالانتحار أو من الأخرين بالقتل جريمة كاملة ومؤثمة، فكذلك العدوان على أي من الضرورات اللازمة لتحقيق جوهر هذه الحياة.
بل إن الإسلام ليبلغ في تقديس هذه الضرورات الإنسانية الواجبة إلى الحد الذي يراها الأساس الذي يستحيل قيام الذين بدون توافرها للإنسان، فعليها يتوقف الإيمان ومن ثم التدين بالدين».
محمد عمارة، »الإسلام وحقوق الإنسان، ضرورات لا حقوق»، عالم المعرفة، العدد 89 (ماي 1985)، ص: 7 – 14 – 15 (بتصرف).
أ – صاحب النص:
ولد محمد عمارة في 8 ديسمبر 1931 بريف مصر مركز قلين (كفر الشيخ) في مصر، حفظ القرآن وجوده وهو في كتاب القرية، بدأت تتفتح وتنمو اهتماماته الوطنية والعربية وهو صغير، وكان أول مقال نشرته له صحيفة (مصر الفتاة) بعنوان (جهاد عن فلسطين). درس الدكتوراه في العلوم الإسلامية تخصص فلسفة إسلامية – كلية دار العلوم – جامعة القاهرة 1975، والماجستير في العلوم الإسلامية تخصص فلسفة إسلامية – كلية دار العلوم – جامعة القاهرة 1970م، والليسانس في اللغة العربية والعلوم الإسلامية – كلية دار العلوم – جامعة القاهرة 1965م، وحصل على العديد من الجوائز والأوسمة والشهادات التقديرية والدروع، من مؤلفاته: التفسير الماركسي للإسلام – المعتزلة ومشكلة الحرية الإنسانية – معالم المنهج الإسلامي – الإسلام والمستقبل – نهضتنا الحديثة بين العلمانية والإسلام – معارك العرب ضد الغزاة – الغارة الجديدة على الإسلام – جمال الدين الأفغاني بين حقائق التاريخ وأكاذيب لويس عوض – الوعي بالتاريخ وصناعة التاريخ – التراث والمستقبل – الإسلام والتعددية …
ب – مجال النص:
يندرج النص ضمن مجال القيم الإسلامية.
ج – مصدر النص:
النص مقتطف من كتاب «الإسلام وحقوق الإنسان: ضرورات لا حقوق»، للدكتور محمد عمارة.
د – نوعية النص:
النص عبارة عن مقالة حجاجية ذات بعد إسلامي.
هـ – العنوان (ضرورات لا حقوق):
مركب إسنادي يتألف من كلمتين تتوسطهما أداة نفي تلغي ما بعدها وتقرر ما قبلها، فكأنها تصحح مزاعم البعض باعتبار شيء ما حقا وتحثهم على اعتبار هذا الشيء ضروريا، لكن السؤال المطروح هنا هو: ما هي هذه الأشياء الضرورية التي ليست حقوقا؟
و – بداية النص ونهايته:
بناء على المؤشرات الأولية للنص نفترض أن موضوعه سيتحدث عن حقوق الإنسان بوصفها ضرورات لا مجرد حقوق.
عرض التعليقات
شكرا لكم كان هاد مفيد جدا ❤🤗
تحضير رائع شكرا
شكرا جزيلا على هده المعلومات القيمة
شكراً جزيلاً على هذا تحضير ♥️✨
شكرا لكم 😍😍😍
هدا أفضل موقع
جميل جدا شكرا لكم 🦋
جزاكم الله خيرا
الله أكبر 🤍
شكرا عل المجهود
شكرا على هدا المجهود 👍