درس في مادة اللغة العربية، مكون النصوص القرائية، وحدة المجال الاجتماعي والاقتصادي، حول النص القرائي “القوة الاقتصادية” لتلاميذ السنة الثالثة من التعليم الثانوي الإعدادي.
الدولة المعاصرة القوية لا تعتمد فقط على الأرض والقوة البشرية، لكنها أصبحت في العصر الحاضر تعتمد على القوة الاقتصادية.
لم يعد هدف الاقتصاد الاكتفاء الذاتي في الغذاء والتصنيع والتجارة، ولكن نطاق الاقتصاد اتسع ليصبح – إلى جانب تحقيق الرفاهية وطيب العيش للشعب – مجال التنافس الدولي، وتطور شيئا فشيئا ليأخذ التنافس طابعه القوي، بحيث يصبح الاقتصاد قوة تفرض الوجود القوي للدولة داخل المجتمع الدولي، ويفرض تفوقها بين قرنائها من المتفوقين.
للقوة الاقتصادية إذا واجهتان: الواجهة الداخلية والواجهة الخارجية.
الواجهة الداخلية تتطلب أن يكون الاقتصاد في خدمة المواطنين والدولة، وأن يكون المواطنون والدولة في خدمة الاقتصاد. ومعنى ذلك أن المواطنين يجب أن يجندوا أنفسهم لخدمة مصادر الإنتاج. فالأرض الزراعية يجب أن تحقق الاكتفاء الذاتي من الغذاء، ولكن الاكتفاء الذاتي أصبح مطمحا متواضعا، فليس هناك دولة تحسب على الدول القوية تكتفي بأن يكون إنتاج الأرض يحقق الاكتفاء الذاتي فحسب، وليس هناك شعب من شعوب الدول القوية يقتصر طموحه الغذائي على الاكتفاء الذاتي. الشعوب الحديثة تطمح نحو الرفاهية الغذائية التي تنمي مضمونها عند الشعوب ظاهرة الاستهلاك المتنامي في العالم الحديث.
أما الاقتصاد الصناعي فقد أصبح قوة داخلية في الدول النامية، لا نتحدث هنا عن التصنيع الذي يحقق الاكتفاء الذاتي مما يلبس المواطنون أو يستعملون يوميا من أدوات أو يركبون من سيارات، فتلك مرحلة اجتازها العالم الصناعي منذ قرنين، ولكن عن الصناعة الأكثر تطورا والتي تشغل ملايين العمال والأطر الفكرية والعملية، وتخترع عشرات الاختراعات التي تحقق الرفاهية من جهة، وتلبي رغباتها التنافس العلمي والاقتصادي من جهة ثانية، وتدر عليها أموالا طائلة من جهة ثالثة، وتحقق من جهة رابعة إشعاعها الحضاري في البلاد التي تغزوها هذه الصناعات.
والصناعة أعظم قوة اقتصادية تحقق للشعب رفاهية متنامية، فهي التي تدر على الشعب أموالا ضخمة فتنقل المواطنين فيه من حالة الفقر أو الكفاف إلى حالة الغنى والرفاهية، إلى جانب ما تدره على الدولة مما يمكنها من تنفيذ المشاريع الاقتصادية والاجتماعية وهي تصب جميعها في النهر الكبير، نهر الحضارة والازدهار، وهي جميعها تحقق قوة الدولة الداخلية بقوة شعبها العامل، وقوة أبحاثها العلمية وقوة المال الذي تدره على الدولة والشعب معا.
وفي الواجهة الخارجية نجد أن القوة الاقتصادية تكسب الدولة قوة مؤثرة وضاربة. القوة الاقتصادية النسبية هي التي مكنت بعض الدول من تكوين امبراطوريات واسعة لم تكن تغرب الشمس عن بعضها. والقوة الاقتصادية هي التي تضع بعض الدول في مركز دبلوماسي مهم، وفي مركز عسكري لا يقل أهمية، ثم تعطي لبعض الدول نفوذا في مختلف القارات عن طريق التجارة والصناعة، وتأثيرها الثقافي أيضا له مظاهره. وقد فرضت كثير من الدول لغتها في كثير من الأنحاء عن طريق الاستعمار. ولكن القوة الاقتصادية أثرت في فرض اللغة على كثير من البلاد للتعامل التجاري والصناعي، وما يتبع التجارة والصناعة من وسائل ووسائط، ولا يمكن أن يكون الاقتصاد قوة ما لم يتطور من الناحية الإنتاجية، والإحصاءات السنوية مؤشر قوي على قوة أو ضعف الاقتصاد، كما اتضح أن الاقتصاد لا يمكن أن يكون قوة ما لم يعتمد على التعاون الدولي. فالتعاون هو ما يسمح بالتكامل وتوسع الأنشطة الاقتصادية سواء في الفلاحة أو الصناعة، ومن فرض الإنتاج على نطاق واسع يتكون فيه المستهلكون من مئات الملايين بدلا من العشرات. والسوق الأوربية المشتركة خير مثال.
عبد الكريم غلاب، في الفكر السياسي، الشركة المغربية للطباعة والنشر، 1993، ص 85 وما بعدها (بتصرف).
بطاقة التعريف بالكاتب عبد الكريم غلاب | |
مراحل من حياته | أعماله |
|
|
النص ينتمي إلى المجال الاقتصادي.
أخد النص من كتاب «في الفكر السياسي»، الشركة المغربية للطباعة والنشر، 1993، ص 85 وما بعدها (بتصرف).
مقالة تفسيرية ذو بعد اجتماعي.
اعتمادا على المؤشرات السابقة نخمن أن موضوعه يتناول مفهوم القوة الاقتصادية.
أهمية القوة الاقتصادية بواجهتيها الداخلية والخارجية، ودورها في تحقيق الرفاهية وطيب العيش، والنفوذ على الصعيد العالمي.
الصفحة: 1 2
عرض التعليقات
شكرا جزيلا على مجهوداتكم
اشكركم جدا ساعدتموني كثيرا
شكرا على مجهوداتكم القيمة
Thank youb 🤩🤩👍
شكرا لكم علي كل هده المجهودات
عنديسؤال بس ليش استعمل طه حسين ضمير الغائب بسيرته الداتية اد كان السبب يتعلق بشخصيته و دراسته
الله يرحم لكم الوالدين
Thank you 😊❤️
شكرا لكم على هذا المجهود
لله يرحم الوالدين على هذا المجهود